المفسدة الملزمتين في فعل وإن لم يحدث بسببها (١) إرادة أو كراهة في المبدأ الأعلى ، إلّا أنّه إذا اوحي بالحكم الناشئ (٢) من قبل تلك المصلحة أو المفسدة إلى النبيّ أو ألهم به الوليّ (٣) فلا محالة ينقدح في نفسه الشريفة بسببها الإرادة أو الكراهة الموجبة للإنشاء بعثا أو زجرا ، بخلاف ما ليس هناك مصلحة أو مفسدة في المتعلّق ، بل إنّما كانت في نفس إنشاء الأمر به طريقيّا ؛ والآخر واقعيّ حقيقيّ [ناشئ] (٤) عن مصلحة أو مفسدة في متعلّقه ، موجبة لإرادته أو كراهته الموجبة لإنشائه بعثا أو زجرا في بعض المبادئ العالية ، وإن لم يكن في المبدأ الأعلى إلّا العلم بالمصلحة أو المفسدة ـ كما أشرنا ـ (٥). فلا يلزم أيضا اجتماع إرادة وكراهة ، وإنّما لزم إنشاء حكم واقعيّ حقيقيّ بعثا أو زجرا ، وإنشاء حكم آخر طريقيّ ، ولا مضادّة بين الإنشاءين فيما إذا اختلفا (٦) ؛ ولا يكون من اجتماع المثلين فيما اتّفقا (٧) ؛ ولا إرادة ولا كراهة أصلا إلّا بالنسبة إلى متعلّق الحكم الواقعيّ ، فافهم.
نعم (٨) يشكل الأمر في بعض الاصول العمليّة ، كأصالة الإباحة الشرعيّة ، فإنّ
__________________
(١) أي : بسبب المصلحة أو المفسدة.
(٢) وفي بعض النسخ : «بالحكم الشأنيّ».
(٣) وفي بعض النسخ : «ألهم به الوصيّ الوليّ».
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في النسخ.
(٥) قبل أسطر ، حيث قال : «وإن لم يحدث بسببها إرادة أو كراهة في المبدأ الأعلى ...».
(٦) كما إذا قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة مع كون الواجب الواقعيّ هو صلاة الظهر.
(٧) كما إذا قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة مع كونها واجبا واقعيّا.
(٨) استدراك على الوجه الثاني ، وشروع في بيان الوجه الثالث عدولا عن الوجه الثاني ، لعدم كفايته في دفع الغائلة في الاصول التعبّديّة ، كأصالة الإباحة والطهارة والاستصحاب. فلا بدّ في توضيح كلامه من بيان أمرين :
الأوّل : أنّ الوجه الثاني ـ وهو دفع غائلة اجتماع الحكمين بجعل أحد الحكمين حقيقيّا باعتبار كون منشئه وجود المصلحة في متعلّقه وجعل الآخر ظاهريّا طريقيّا باعتبار كون منشئه وجود المصلحة في نفسه ـ يشكل في الاصول التعبّديّة ، كأصالة الإباحة والطهارة والاستصحاب ، لأنّها أحكام شرعيّة فعليّة حقيقيّة ، فالحكم بحلّيّة كلّ شيء ـ الّذي دلّ عليه ـ