ولا يخفى : أنّ المناسب للمقام هو البحث عن ذلك (١) ؛ كما أنّ المناسب في باب البراءة والاشتغال ـ بعد الفراغ هاهنا عن أنّ تأثيره في التنجّز بنحو الاقتضاء لا العلّية ـ هو البحث عن ثبوت المانع شرعا أو عقلا ، وعدم ثبوته ؛ كما لا مجال بعد البناء على أنّه بنحو العلّيّة للبحث عنه هناك أصلا ، كما لا يخفى.
هذا بالنسبة إلى إثبات التكليف وتنجّزه به (٢).
[المقام الثاني : في كفاية العلم الإجماليّ وعدمه]
وأمّا سقوطه به بأن يوافقه إجمالا : فلا إشكال فيه في التوصّليّات (٣).
وأمّا في العبادات (٤) : فكذلك فيما لا يحتاج إلى التكرار ، كما إذا تردّد أمر عبادة (٥)
__________________
ـ ولا لبس الثوب في الصلاة. وأمّا أصالة الحلّ في الطرف الأوّل فعلى القول بتأثير العلم الإجماليّ في الحكم الواقعيّ بنحو الاقتضاء وجريان الاصول في أطرافه لو لم يعارضها أصل آخر ، تجري ، لعدم وجود معارض له ؛ وعلى القول بتأثيره على نحو العلّيّة وعدم جريان الاصول في الأطراف ولو لم يعارضها أصل ، لا تجري ، بل تسقط بالعلم الإجماليّ.
ومنها : إذا كان الأصل الجاري في كلّ طرف من سنخ الأصل الجاري في الطرف الآخر ، مع اختصاص كلّ منهما بأصل طوليّ آخر. فعلى القول بالاقتضاء يتحقّق التعارض بين الأصلين الحاكمين والأصلين المحكومين وتصل النوبة إلى البحث عن أنّ القاعدة في تعارض الاصول هل هو التساقط أو التخيير؟ وعلى القول بالعلّيّة التامّة لا يتحقّق التعارض ولا مجال للبحث المزبور. ومثاله : ما إذا علمنا بنجاسة أحد الماءين ، فإنّ الأصل الأوّليّ الجاري في كلّ منهما هو أصالة الطهارة ، والأصل الثانويّ هو أصالة الحلّ.
(١) أي : عن تنجيز العلم الإجماليّ بنحو العلّيّة أو الاقتضاء.
(٢) أي : بالعلم الإجماليّ.
(٣) لأنّ الغرض منها مجرّد حصول المأمور به في الخارج بأيّ نحو اتّفق ، ضرورة أنّ المأمور به في التوصّليّات يتحقّق بإتيان جميع محتملاته ، فلو علم أحد بأنّه مديون بدرهم إمّا لزيد أو لعمرو ، وأعطى درهما لزيد ودرهما لعمرو ، حصل له العلم بالفراغ.
(٤) وفي بعض النسخ : «أمّا العباديّات» ، وفي بعضها : «أمّا في العباديّات». والأولى ما أثبتناه.
والأولى منه أن يقول : «وأمّا في التعبّديّات».
(٥) وفي بعض النسخ : «تردّد عبادة». والصحيح ما أثبتناه.