من انتهائه إلى ما استقلّ به العقل من اتّباع الظنّ لو حصل له وقد تمّت مقدّمات الانسداد على تقدير الحكومة (١) ، وإلّا فالرجوع إلى الاصول العقليّة من البراءة والاشتغال والتخيير ، على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
وإنّما عمّمنا متعلّق القطع (٢) ، لعدم اختصاص أحكامه بما إذا كان متعلّقا بالأحكام الواقعيّة ؛ وخصّصنا بالفعليّ (٣) ، لاختصاصها بما إذا كان متعلّقا به على ما ستطّلع عليه. ولذلك عدلنا عمّا في رسالة شيخنا العلّامة ـ أعلى الله مقامه ـ من تثليث الأقسام (٤).
وإن أبيت إلّا عن ذلك ، فالأولى أن يقال : «إنّ المكلّف إمّا أن يحصل له القطع أولا. وعلى الثاني إمّا أن يقوم عنده طريق معتبر أولا» ، لئلّا يتداخل الأقسام فيما يذكر لها من الأحكام (٥). ومرجعه على
__________________
ـ بينه وبين مقلّديه. والثاني كأحكام الدماء الثلاثة.
(١) وفي بعض النسخ : «على تقرير الحكومة». والأولى ما أثبتناه.
والحاصل : أنّ البالغ لا ينتهي إلى ما استقلّ به العقل من اتّباع الظنّ إلّا بعد تحقّق ثلاثة امور :
الأوّل : حصول الظنّ بالحكم.
الثاني : تماميّة مقدّمات انسداد باب العلم.
الثالث : كون تماميّتها على نحو الحكومة ـ أي على نحو يحكم العقل باعتبار الظنّ ـ ، لا على نحو الكشف بأن يكشف عن حكم الشارع باعتباره ، فإنّ على الكشف يحصل القطع بالحكم الظاهريّ.
(٢) أي : عمّمناه للحكم الظاهريّ.
(٣) أي : خصّصنا الحكم بالفعليّ.
(٤) فرائد الاصول ١ : ٢٥.
(٥) والحاصل : أنّ الشيخ الأنصاريّ قسّم حالات المكلّف الملتفت إلى الحكم الشرعيّ إلى ثلاثة أقسام : إمّا أن يحصل له القطع بالحكم ، أو يحصل له الظنّ ، أو يحصل له الشكّ.
وعدل المصنّف رحمهالله عن هذا التقسيم إلى أحد التقسيمين التاليين :
الأوّل : التقسيم الثنائيّ ، بأن يقال : إنّ البالغ الملتفت إلى الحكم الشرعيّ إمّا أن يحصل له القطع بالحكم أو لا يحصل.
والوجه في العدول إليه أنّ أحكام القطع لا تختصّ بما إذا كان متعلّقا بالحكم الواقعيّ ، بل يشمل ما إذا كان متعلّقا بالحكم الظاهريّ أيضا. وعليه يكون الحكم الظاهريّ الثابت ـ