لا يقال : كيف يكون ذلك؟ وقد تقدّم أنّ التقييد لا يوجب التجوّز في المطلق أصلا(١).
فإنّه يقال : (٢) ـ مضافا إلى أنّه إنّما قيل لعدم استلزامه له ، لا عدم إمكانه ، فإنّ استعمال المطلق في المقيّد بمكان من الإمكان ـ إنّ كثرة إرادة المقيّد لدى إطلاق المطلق ولو بدالّ آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزيّة انس ـ كما في المجاز المشهور ـ أو تعيّنا واختصاصا به ـ كما في المنقول بالغلبة ـ ، فافهم.
تنبيه : [فيما إذا كان للمطلق جهات عديدة]
وهو أنّه يمكن أن يكون للمطلق جهات عديدة ، كان واردا في مقام البيان من جهة منها وفي مقام الإهمال أو الإجمال من اخرى ، فلا بدّ في حمله على الإطلاق بالنسبة إلى جهة من كونه بصدد البيان من تلك الجهة ، ولا يكفي كونه بصدده من جهة اخرى ، إلّا إذا كان بينهما ملازمة عقلا أو شرعا أو عادة ، كما لا يخفى (٣).
__________________
(١) هذا إشكال على الانصراف الموجب للاشتراك والنقل. وحاصله : أنّ الاشتراك أو النقل موقوف على كثرة الاستعمال وغلبته ، فالاستعمال في المنصرف إليه قبل تحقّق الغلبة استعمال مجازيّ. وهذا ينافي ما تقدّم من عدم كون استعمال المطلق في المقيّد مجازا.
(٢) هذا الجواب ذكره الشيخ الأعظم على ما في مطارح الأنظار : ٢١٨.
(٣) لا يخفى : أنّا تارة نشكّ في أنّ المتكلّم هل يكون في مقام البيان من جميع الجهات أو يكون في مقام الإهمال كذلك. واخرى نعلم أنّه في مقام البيان من جهة خاصّة ونشكّ في أنّه هل يكون في مقام البيان من جهات أخر أو يكون في مقام الإهمال من تلك الجهات. وثالثة نعلم بأنّه في مقام البيان من جهة خاصّة ونعلم أيضا أنّه في مقام الإهمال من جهات أخر.
والظاهر أنّ المصنّف رحمهالله أراد أن يذكر حكم الصورة الثالثة في المقام. فأفاد أنّه يصحّ التمسّك بالإطلاق من الجهة الّتي يكون المتكلّم بصدد البيان من تلك الجهة ، ولا يصحّ التمسّك به من الجهة الّتي يكون في مقام الإهمال من تلك الجهة.