الفعل (١) إن كان مشتملا على مصلحة موجبة للأمر به امتنع النهي عنه ، وإلّا امتنع الأمر به. وذلك (٢) لأنّ الفعل أو دوامه لم يكن متعلّقا لإرادته ، فلا يستلزم نسخ أمره بالنهي تغيير إرادته ؛ ولم يكن الأمر بالفعل (٣) من جهة كونه مشتملا على مصلحة ، وإنّما كان إنشاء الأمر به أو إظهار دوامه عن حكمة ومصلحة.
وأمّا البداء في التكوينيّات بغير ذاك المعنى : فهو ممّا دلّ عليه الروايات المتواترات (٤) ، كما لا يخفى. ومجمله : أنّ الله تبارك وتعالى إذا تعلّقت مشيئته تعالى بإظهار ثبوت ما يمحوه ، لحكمة داعية إلى إظهاره ، ألهم أو أوحى إلى نبيّه أو وليّه أن يخبر به مع علمه (٥) بأنّه يمحوه ، أو مع عدم علمه (٦) به ، لما اشير إليه من عدم الإحاطة بتمام ما جرى في علمه ، وإنّما يخبر به لأنّه حال الوحي أو الإلهام ـ لارتقاء نفسه الزكيّة واتّصاله بعالم لوح المحو والإثبات ـ اطّلع على ثبوته
__________________
ـ إذا صار ذا مصلحة ، وصيرورته كذلك محال ، للزوم انقلاب القبيح حسنا.
وأجاب عنه المصنّف رحمهالله بقوله : «ولم يكن الأمر بالفعل ...». وتوضيحه : أنّ هذا الاستدلال أيضا إنّما يتمّ على القول بأنّ النسخ رفع الحكم. وأمّا بناء على أنّه دفع الحكم فلا يتمّ ، لأنّ الأمر بالفعل لم يكن من جهة كونه مشتملا على مصلحة كي يمتنع دفعه ، بل إنّما كان الأمر به أو إظهار دوامه عن حكمة ومصلحة إلهيّة غير المصلحة الّتي يكون الأمر بالشيء تابعا لها ، كمصلحة امتحان العبيد.
هذا كلّه على ما أثبتناه في المتن.
وأمّا على ما في بعض النسخ المطبوعة فيكون معنا قوله : «وإلّا لزم ...» : وإن كان النسخ قبل حضور وقت العمل مستحيلا لاستلزامه البداء المحال لزم امتناع النسخ والحكم المنسوخ مطلقا ، قبل حضور وقت العمل وبعده.
(١) تعليل للزوم امتناع النسخ أو امتناع الحكم المنسوخ.
(٢) أي : عدم لزوم البداء المحال في حقّه.
(٣) بيان لعدم لزوم امتناع النسخ أو امتناع الحكم المنسوخ.
(٤) راجع الكافي ١ : ١٤٦ ـ ١٤٩.
(٥ ـ ٦) الضميران يرجعان إلى النبيّ أو الوليّ.