مع أنّه (١) لولاه (٢) لزم إلغاء الخبر بالمرّة أو ما بحكمه (٣) ، ضرورة ندرة خبر لم يكن على خلافه عموم الكتاب لو سلّم وجود ما لم يكن كذلك.
[أدلّة المخالفين والجواب عنها]
وكون العامّ الكتابيّ قطعيّا صدورا وخبر الواحد ظنّيّا سندا (٤) لا يمنع عن التصرّف في دلالته غير القطعيّة قطعا ، وإلّا لما جاز تخصيص المتواتر به أيضا ، مع أنّه جائز جزما.
والسرّ (٥) : أنّ الدوران في الحقيقة بين أصالة العموم ودليل سند الخبر ، مع أنّ الخبر بدلالته وسنده صالح للقرينيّة على التصرّف فيه. بخلافها ، فإنّها غير صالحة لرفع اليد عن دليل اعتباره (٦).
ولا ينحصر الدليل على الخبر بالإجماع (٧) ، كي يقال ب «أنّه فيما لا يوجد على خلافه دلالة ، ومع وجود الدلالة القرآنيّة يسقط وجوب العمل به». كيف! وقد
__________________
(١) هذا هو الوجه الثاني من الوجهين اللّذين ذكرهما المصنّف رحمهالله في المقام لإثبات جواز تخصيص العامّ الكتابيّ بخبر الواحد.
(٢) أي : لو لا عملهم بخبر الواحد في قبال عمومات الكتاب.
(٣) أي : ما بحكم إلغائه.
(٤) هذا أوّل الوجوه الأربعة الّتي استدلّ بها المخالفون وتعرّض لها المصنّف رحمهالله في المقام.
(٥) أي : والسرّ في تخصيص العامّ الكتابيّ بخبر الواحد.
(٦) والحاصل : أنّ المعارضة تقع في الواقع بين أصالة العموم ودليل حجّيّة الخبر. والخبر يرفع موضوع أصالة العموم ، لأنّ جريانها منوط بعدم الدليل على خلافها ، ضرورة احتمال عدم إرادة العموم ، وأدلّة حجّيّة خبر الواحد دليل على خلافها ، فيكون الخبر حاكما عليها ومقدّما على العموم.
(٧) إشارة إلى الوجه الثاني من الوجوه الّتي استدلّ بها القائلون بعدم جواز تخصيص العامّ الكتابيّ بخبر الواحد. وحاصله : أنّ دليل حجّيّة خبر الواحد هو الإجماع ، وهو دليل لبّيّ ، فيكتفى في مدلوله بالقدر المتيقّن ، وهو ما لا يوجد على خلاف الخبر دلالة ، فلا يشمل الخبر الّذي يخالفه العامّ الكتابيّ.