والظاهر أنّه لا
خلاف ولا إشكال في رجوعه إلى الأخيرة على أيّ حال ، ضرورة أنّ رجوعه إلى غيرها بلا
قرينة خارج عن طريقة أهل المحاورة. وكذا في صحّة رجوعه إلى الكلّ ـ وإن كان
المتراءى من كلام صاحب المعالم رحمهالله (١) حيث مهّد مقدّمة لصحّة رجوعه إليه (٢) ـ أنّه (٣) محلّ الإشكال والتأمّل. وذلك ضرورة أنّ تعدّد المستثنى منه
كتعدّد المستثنى لا يوجب تفاوتا أصلا في ناحية الأداة بحسب المعنى ـ كان الموضوع
له في الحروف عامّا أو خاصّا ـ ، وكان المستعمل فيه الأداة
__________________
ـ القول
الثاني : أنّ الاستثناء يرجع إلى جميع الجمل ،
وتخصيصه بالأخيرة يحتاج إلى الدليل. وهذا
مذهب الشافعيّة من العامّة والشيخ الطوسيّ من الإماميّة. راجع الإحكام (للآمدي) ٢
: ٣٠٠ ، والعدّة ١ : ٣٢١.
القول الثالث :
عدم ظهور الكلام في واحد منهما ، وإن كان رجوعه إلى الأخيرة متعيّنا. فيبقى ما عدا
الأخيرة مجملا. وهذا ما يتراءى من كلام السيّد المرتضى في الذريعة إلى اصول
الشريعة ١ : ٢٤٩. واختاره المصنّفرحمهالله
في المقام.
القول الرابع :
التفصيل بين ما إذا كرّر الحكم دون الموضوع ، كقولنا «أكرم العلماء واحسنهم
واطعمهم واقض حوائجهم إلّا الفاسقين» ، وبين ما إذا كرّر الموضوع أيضا كالآية
الشريفة. فعلى الأوّل يرجع الاستثناء إلى الجميع ، وعلى الثاني يرجع إلى خصوص
الأخيرة. وهذا ما ذهب إليه المحقّق النائينيّ في فوائد الاصول ٢ : ٥٥٥.
القول الخامس :
التفصيل بين ما إذا لم يتكرّر الموضوع وما إذا كرّر. فعلى الأوّل يرجع الضمير إلى
المذكور في الجملة الأولى ، فيوجب تخصيصه بالإضافة إلى جميع الأحكام الثابتة له.
وعلى الثاني يرجع إلى ما اعيد فيه الموضوع وما بعده. وهذا ما أفاده السيّد المحقّق
الخوئيّ في المحاضرات ٥ : ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
القول السادس :
أنّه إذا لم يتكرّر الموضوع يرجع الاستثناء إلى الجميع ، وإذا تكرّر ـ سواء تكرّر
في الجمل كلّها أو في بعض الجمل ـ فرجوعه إلى الجميع وإلى الأخيرة محتمل ، ولا
يكون ظاهرا في واحد منهما. وهذا مختار السيّد الإمام الخمينيّ في مناهج الوصول ٢ :
٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(١) معالم الدين :
١٢٤.
(٢) لا
يخفى : أنّ الظاهر من كلام صاحب المعالم أنّه
مهّد المقدّمة لإثبات أنّ رجوع الاستثناء إلى الكلّ على نحو الاشتراك المعنويّ ،
لا الاشتراك اللفظيّ. فغرضه من تمهيد المقدّمة بيان كيفيّة رجوعه إلى الكلّ ، لا
بيان أصل صحّة رجوعه إليه.
(٣) أي : رجوعه إلى
الكلّ.