الناشئة من قبل الإخبار به كذلك المنشأ بالصيغة المعلّق عليه ؛ وقد عرفت بما حقّقناه في معنى الحرف وشبهه (١) : أنّ ما استعمل فيه الحرف عامّ كالموضوع له ، وأنّ خصوصيّة لحاظه بنحو الآليّة والحاليّة لغيره من خصوصيّة الاستعمال ، كما أنّ خصوصيّة لحاظ المعنى بنحو الاستقلال في الاسم كذلك ، فيكون اللحاظ الآليّ كالاستقلاليّ من خصوصيّات الاستعمال ، لا المستعمل فيه.
وبذلك قد انقدح فساد ما يظهر من التقريرات (٢) ـ في مقام التفصّي عن هذا الإشكال ـ من التفرقة بين الوجوب الإخباريّ والإنشائيّ بأنّه كلّيّ في الأوّل وخاصّ في الثاني ، حيث دفع الإشكال بأنّه لا يتوجّه في الأوّل (٣) لكون الوجوب كلّيّا ، وعلى الثاني بأنّ (٤) ارتفاع مطلق الوجوب فيه من فوائد العلّيّة المستفادة من الجملة الشرطيّة ، حيث كان ارتفاع شخص الوجوب ليس مستندا إلى ارتفاع العلّة المأخوذة فيها ، فإنّه يرتفع ولو لم يوجد في حيال أداة الشرط ، كما في اللقلب والوصف.
واورد (٥) ـ على ما تفصّي به عن الإشكال بما (٦) ربما يرجع إلى ما ذكرنا ـ بما حاصله : أنّ التفصّي لا يبتني على كلّيّة الوجوب لما أفاده ، وكون الموضوع له في الإنشاء عامّا لم يقم عليه دليل ، لو لم نقل بقيام الدليل على خلافه ، حيث إنّ الخصوصيّات بأنفسها مستفادة من الألفاظ.
وذلك (٧) لما عرفت من أنّ الخصوصيّات في الإنشاءات والأخبارات إنّما تكون ناشئة من الاستعمالات بلا تفاوت أصلا بينهما.
ولعمري لا يكاد ينقضي تعجّبي كيف تجعل خصوصيّات الإنشاء من
__________________
(١) راجع الجزء الأوّل : ٢٨ ـ ٣٠.
(٢) راجع مطارح الأنظار : ١٧٣.
(٣) أي : لا يتوجّه الإشكال في الوجوب الإخباريّ.
(٤) والأولى أن يقول : «وعلى الثاني ، لأنّ ...».
(٥) أي : أورد الشيخ الأنصاريّ.
(٦) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «ممّا».
(٧) أي : فساد ما يظهر من التقريرات.