وبالجملة : لو لم يكن ظاهرا في ذلك لما كان ظاهرا فيما توهّم.
وهكذا حال سائر الأخبار الواردة في هذا الباب ، فراجع وتأمّل.
تذنيب : [حول ما حكي عن أبي حنيفة والشيبانيّ]
حكي (١) عن أبي حنيفة والشيبانيّ دلالة النهي على الصحّة ، وعن الفخر (٢) أنّه وافقهما في ذلك (٣).
والتحقيق (٤) : أنّه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبّب أو التسبّب ، لاعتبار القدرة في متعلّق النهي كالأمر ، ولا يكاد يقدر عليهما إلّا فيما كانت المعاملة مؤثّرة صحيحة.
وأمّا إذا كان عن السبب فلا ، لكونه مقدورا وإن لم يكن صحيحا. نعم ، قد عرفت (٥) أنّ النهي عنه لا ينافيها (٦).
__________________
ـ كالنكاح في العدّة غير مشروع من أصله ، فإن أجاز ما صدر عنه بدون إذنه فقد وجد شرط نفوذه وارتفع محذور عصيانه ، فعصيانه لسيّده. منه [أعلى الله مقامه].
(١) راجع قوانين الاصول ١ : ١٦٣ ، مطارح الأنظار : ١٦٦ ، الإحكام «للآمديّ» ٢ : ٤١١.
(٢) وهو فخر المحقّقين نجل العلّامة الحلّي قدسسرهما.
(٣) نقل الشيخ الأنصاريّ ـ على ما في مطارح الأنظار : ١٦٦ ـ موافقته معهما في نهاية المأمول.
واستدلّوا عليه بأنّ النهي لا يتعلّق بالشيء إلّا فيما إذا كان مقدورا ، لامتناع التكليف بغير المقدور. وإذا فرض فساد المنهي عنه لزم عدم القدرة على تحقّقه بالنهي ، وهو ينافي تعلّق النهي به ، فلا بدّ أن يفرض وقوعه كما يصحّ تعلّق النهي به.
(٤) ملخّصه : أنّ الكبرى ـ وهي أنّ النهي حقيقة إذا تعلّق بشيء ذي أثر كان دالّا على صحّته وترتّب أثره عليه ، لاعتبار القدرة فيما تعلّق به النهي كذلك ـ وإن كانت مسلّمة ، إلّا أنّ النهي كذلك لا يكاد يتعلّق بالعبادات ، ضرورة امتناع تعلّق النهي كذلك بما تعلّق به الأمر كذلك. وتعلّقه بالعبادات بالمعنى الأوّل وإن كان ممكنا ، إلّا أنّ أثر المرغوب منها عقلا أو شرعا غير مترتّب عليها مطلقا ، بل على خصوص ما ليس بحرام منها. وهكذا الحال في المعاملات فإن كان الأثر في معاملة مترتّبا عليها ولازما لوجودها كان النهي عنها دالّا على ترتّبه عليها لما عرفت. منه [أعلى الله مقامه].
(٥) راجع الصفحة : ٨٧ من هذا الجزء.
(٦) أي : النهي عن السبب لا ينافي صحّته.