المقام ، حيث كان الخروج بعنوانه سببا للتخلّص ، وكان بغير إذن المالك ؛ وليس التخلّص إلّا منتزعا عن ترك الحرام المسبّب عن الخروج (١) ، لا عنوانا له ـ : أنّ الاجتماع هاهنا لو سلّم أنّه لا يكون بمحال ، لتعدّد العنوان وكونه مجديا في رفع غائلة التضادّ ، كان محالا ، لأجل كونه طلب المحال ، حيث لا مندوحة هنا ، وذلك لضرورة عدم صحّة تعلّق الطلب والبعث حقيقة بما هو واجب أو ممتنع ، ولو كان الوجوب أو الامتناع بسوء الاختيار.
وما قيل : «إنّ الامتناع أو الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار» (٢) إنّما هو في قبال استدلال الأشاعرة للقول بأنّ الأفعال غير اختياريّة بقضيّة «إنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد».
فانقدح بذلك فساد الاستدلال لهذا القول : بأنّ (٣) الأمر بالتخلّص والنهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما ولا موجب للتقييد عقلا ، لعدم استحالة كون الخروج واجبا وحراما باعتبارين مختلفين ، إذ منشأ الاستحالة إمّا لزوم اجتماع الضدّين وهو غير لازم مع تعدّد الجهة ، وإمّا لزوم التكليف بما لا يطاق وهو ليس بمحال إذا كان مسبّبا عن سوء الاختيار. وذلك (٤) لما عرفت (٥) من ثبوت الموجب للتقييد عقلا ولو كانا بعنوانين ، وأنّ اجتماع الضدّين
__________________
(١) قد عرفت ممّا علّقت على الهامش أنّ ترك الحرام غير مسبّب عن الخروج حقيقة. وإنّما المسبّب عنه إنّما هو الملازم له ، وهو الكون في خارج الدار. نعم ، يكون مسبّبا عنه مسامحة وعرضا.
وقد انقدح بذلك : أنّه لا دليل في البين إلّا على حرمة الغصب المقتضي لاستقلال العقل بلزوم الخروج من باب أنّه أقلّ المحذورين ؛ وأنّه لا دليل على وجوبه بعنوان آخر ، فحينئذ يجب إعماله أيضا بناء على القول بجواز الاجتماع كإعمال النهي عن الغصب ليكون الخروج مأمورا به ومنهيا عنه ، فافهم. منه [أعلى الله مقامه].
(٢) شوارق الإلهام : ٥٠٢.
(٣) متعلّق ب «الاستدلال» وتقريب له.
(٤) أي : فساد الاستدلال.
(٥) في المقدّمة الثالثة من المقدّمات الأربع الّتي ذكرها المصنّف رحمهالله قبل ذكر الأقوال في المسألة ، فراجع الصفحة : ٣٤ من هذه الجزء.