إلّا على ما هو المباح من المقدّمات ، دون المحرّمة ، مع اشتراكهما في المقدّميّة.
وإطلاق الوجوب بحيث ربما يترشّح منه الوجوب عليها (١) مع انحصار المقدّمة بها (٢) إنّما هو فيما إذا كان الواجب أهمّ من ترك المقدّمة المحرّمة ؛ والمفروض هاهنا وإن كان ذلك إلّا أنّه كان بسوء الاختيار ، ومعه لا تتغيّر عمّا هي عليه من الحرمة والمبغوضيّة ، وإلّا لكان الحرمة (٣) معلّقة على إرادة المكلّف واختياره لغيره ، وعدم حرمته مع اختياره له (٤) ، وهو كما ترى ، مع أنّه خلاف الفرض وأنّ الاضطرار يكون بسوء الاختيار (٥).
__________________
(١ ـ ٢) الضميران يرجعان إلى المقدّمة المحرّمة.
(٣) هكذا في النسخ. ولكن الصحيح أن يقول : «لكانت الحرمة».
(٤) هكذا في جميع النسخ ، والصحيح أن يقول : «على اختياره له».
(٥) لا يخفى : أنّ العبارة لا تخلو من الغموض ، فيحتاج إلى إيضاح. فنقول :
قوله : «وإطلاق الوجوب بحيث ... انحصار المقدّمة بها» إشارة إلى توهّم. وحاصله : أنّ المقدّمة إذا كانت منحصرة يترشّح إليه الوجوب من ذي المقدّمة ، سواء كانت محرّمة أو مباحة ؛ والخروج ـ في المقام ـ يكون من المقدّمات المنحصرة في التخلّص عن الحرام ؛ فيترشّح وجوب التخلّص عن الحرام إليه ويصير واجبا.
وقوله : «إنّما هو فيما إذا كان الواجب ... من الحرمة والمبغوضيّة» إشارة إلى دفع التوهّم المذكور. وحاصله : أنّ المقدّمة المحرّمة لا تتّصف بالوجوب إلّا بعد اجتماع الشروط الثلاثة فيها : الأوّل : أن تكون من المقدّمات المنحصرة ، بأن لا يكون لها عدل مباح.
الثاني : أن يكون فعل الواجب أهمّ من تركها ، كأن يكون الواجب إنقاذ الغريق في ملك الغير ، حيث إنّه أهمّ من حرمة الدخول في ملك الغير من دون إذنه.
الثالث : أن لا يكون الاضطرار إلى المقدّمة المحرّمة والانحصار فيها ناشئا عن سوء الاختيار ، وإلّا فلا تتغيّر المقدّمة المحرّمة عمّا هي عليه من الحرمة والمبغوضيّة ، ولا تنقلب حرمتها إلى الوجوب.
والخروج ـ في المقام ـ وإن اجتمع فيه الشرط الأوّل والشرط الثاني ، إلّا أنّ الشرط الثالث مفقود فيه ، لأنّ المفروض أنّ الاضطرار إليه كان بسوء اختيار المكلّف ، ومعه لا يتغيّر حكم المقدّمة المحرّمة.
وقوله : «وإلّا لكانت الحرمة معلّقة على إرادة المكلّف واختياره لغيره ، وعدم حرمته ـ