ومن هنا علم : أنّ الثواب عليه من قبيل الثواب على الإطاعة ، لا الانقياد ومجرّد اعتقاد الموافقة.
وقد ظهر بما ذكرناه وجه حكم الأصحاب بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع ، بل أو الحكم ، إذا كان عن قصور ، مع أنّ الجلّ لو لا الكلّ قائلون بالامتناع وتقديم الحرمة ، ويحكمون بالبطلان في غير موارد العذر. فلتكن من ذلك على ذكر (١).
[القول بالامتناع ودليله]
إذا عرفت هذه الامور فالحقّ هو القول بالامتناع ، كما ذهب إليه
__________________
ـ لا يطابق مقصود المصنّف رحمهالله في المقام. بيان ذلك : أنّ في قوله : «والنسيان» وجهين :
الأوّل : أن يكون معطوفا على قوله : «موارد الجهل» فيكون معنى العبارة : «يقع المجمع صحيحا في كثير من الموارد ، وهي موارد الجهل وموارد النسيان». وهذا غير مقصود قطعا ، لأنّ المجمع عند المصنّف رحمهالله لا يكون صحيحا في تمام موارد الجهل ، بل إنّما يكون صحيحا في موارد الجهل القصوريّ.
الثاني : أن يكون معطوفا على قوله : «غير مورد من موارد الجهل» فيكون معنى العبارة : «يقع المجمع صحيحا في كثير من موارد الجهل وفي كثير من موارد النسيان». وهذا أيضا غير مقصود قطعا ، لأنّ موارد النسيان عبارة عن نسيان الموضوع ونسيان الحكم ونسيان كليهما ، والمجمع صحيح في جميع هذه الموارد ، لاطلاق حديث الرفع ، فلا يصحّ أن يقال : «يقع المجمع صحيحا في كثير من موارد النسيان» ، بل الصحيح ما أثبتناه.
إن قلت : إنّ النسيان أيضا ينقسم إلى قسمين : أحدهما : النسيان عن تقصير ، وهو ما إذا كان النسيان مستندا إلى سوء اختيار المكلّف. وثانيهما : النسيان عن قصور ، وهو فيما إذا لم يكن مستندا إليه. ولا يصحّ المجمع في القسم الثاني. فيصحّ أن يقال : «يقع المجمع صحيحا في كثير من موارد النسيان».
قلت : ظاهر كلام المصنّف رحمهالله ـ بعد أسطر ـ : «مع النسيان أو الجهل بالموضوع ، بل أو الحكم ، إذا كان عن قصور» أنّه لم يرتض هذا التقسيم ، وإلّا يقول : «إذا كانا عن قصور».
(١) وناقش المحقّق الخوئيّ فيما أفاده المصنّف رحمهالله في هذه المقدّمة من وجوه خمسة ، تركناها خوفا من التطويل. فراجع المحاضرات ٤ : ٢٣١ ـ ٢٤٠.