واخرى : أنّ القول بالجواز مبنيّ على القول بالطبائع ، لتعدّد متعلّق الأمر والنهي ذاتا عليه (١) ، وإن اتّحدا وجودا ؛ والقول بالامتناع على القول بالأفراد ، لاتّحاد متعلّقهما شخصا خارجا وكونه فردا واحدا (٢).
وأنت خبير بفساد كلا التوهّمين ، فإنّ تعدّد الوجه إن كان يجدي بحيث لا يضرّ معه الاتّحاد بحسب الوجود والإيجاد لكان يجدي ولو على القول بالأفراد ، فإنّ الموجود الخارجيّ الموجّه بوجهين يكون فردا لكلّ من الطبيعتين ، فيكون مجمعا لفردين موجودين بوجود واحد ، فكما لا يضرّ وحدة الوجود بتعدّد الطبيعتين ، لا يضرّ بكون المجمع اثنين بما هو مصداق وفرد لكلّ من الطبيعتين ، وإلّا لما كان يجدي أصلا حتّى على القول بالطبائع كما لا يخفى ، لوحدة الطبيعتين وجودا واتّحادهما خارجا ؛ فكما أنّ وحدة الصلاتيّة والغصبيّة في الصلاة في الدار المغصوبة وجودا غير ضائر بتعدّدهما وكونهما طبيعتين ، كذلك وحدة ما وقع في الخارج من خصوصيّات الصلاة فيها وجودا غير ضائر بكونه فردا للصلاة فيكون مأمورا به ، وفردا للغضب فيكون منهيّا عنه ، فهو ـ على وحدته وجودا ـ يكون اثنين ، لكونه مصداقا للطبيعتين (٣). فلا تغفل.
__________________
ـ الثانية : عدم جريان النزاع فيما إذا قلنا بتعلّق الأحكام بالأفراد ، بل لا مناص من الالتزام بالامتناع ، إذ الفرد عبارة عن الوجود الواحد الشخصيّ الخارجيّ ، ومن الواضح أنّه لا يعقل أن يكون الواحد الشخصيّ مصداقا لحكمين متضادّين ، وإلّا لزم اجتماع الضدّين.
(١) أي : على القول بالطبائع.
(٢) وحاصل هذا التوهّم هو الالتزام بالتفصيل في مسألة الاجتماع. بأن يقال : الحقّ أنّ اجتماع الأمر والنهي جائز على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع ، وممتنع على القول بتعلّقها بالأفراد. بدعوى أنّه على القول بالطبائع يتعدّد متعلّق الأمر والنهي في مرحلة تعلّق الحكم به ، فلم يجتمعا في واحد وإن اجتمعا في المصداق. وأمّا على القول بالأفراد فبما أنّ متعلّقهما هو الفرد الواحد الشخصيّ فلا يمكن اجتماعهما عليه وتعلّقهما به.
(٣) حاصل الدفع : أنّ أساس النزاع على أنّ تعدّد الوجه هل يكفي في دفع غائلة اجتماع الضدّين أم لا؟ فلو قلنا بأنّ تعدّد الوجه يستلزم تعدّد المعنون فالاجتماع جائز مطلقا. أمّا ـ