وجها. وهذا بخلاف الجهة المبحوث عنها في المسألة الاخرى ، فإنّ البحث فيها عن أنّ النهي في العبادة (١) يوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجّه إليها.
نعم ، لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة.
فانقدح أنّ الفرق بين المسألتين في غاية الوضوح.
وأمّا ما أفاده في الفصول من الفرق ـ بما هذه عبارته : «ثمّ اعلم أنّ الفرق بين المقام والمقام المتقدّم ـ وهو أنّ الأمر والنهي هل يجتمعان في شيء واحد أو لا؟ ـ أمّا في المعاملات فظاهر (٢) ، وأمّا في العبادات فهو (٣) أنّ النزاع هناك (٤) فيما إذا تعلّق الأمر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة وإن كان بينهما عموم مطلق ، وهنا فيما إذا اتّحدتا حقيقة وتغايرتا بمجرّد الإطلاق والتقييد بأن تعلّق الأمر بالمطلق والنهي بالمقيّد» (٥) ، انتهى موضع الحاجة (٦) ـ فاسد ، فإنّ مجرّد تعدّد الموضوعات وتغايرها بحسب الذوات لا يوجب التمايز بين المسائل ما لم يكن هناك اختلاف الجهات. ومعه لا حاجة أصلا إلى تعدّدها (٧) ، بل لا بدّ من عقد
__________________
(١) وفي بعض النسخ : «في العبادة أو المعاملة».
(٢) ولعلّ الوجه في الظهور أنّ الأوامر لا تتعلّق بالمعاملات إلّا نادرا ، فلا يتحقّق مورد الاجتماع فيها.
(٣) أي : الفرق.
(٤) أي : في مسألة الاجتماع.
(٥) وحاصل ما أفاده في الفرق بين المسألتين أنّ الموضوع في مسألة اجتماع الأمر والنهي متعدّد حقيقة ، لتعلّق الأمر بطبيعة مغايرة للطبيعة الّتي تعلّق بها النهي ، سواء كانت النسبة بين الطبيعتين عموما من وجه كما في قوله : «صلّ ، ولا تغصب» أم عموما مطلقا كقوله : «أكرم الناطق ، ولا تكرم الشاعر» ، فإنّ الطبيعتين ـ أعني الصلاة والغصب ، والناطق والشاعر ـ متغايرتان. بخلاف الموضوع في مسألة النهي في العبادة ، فإنّ الموضوع فيها متّحد حقيقة ، بأن توجّه النهي إلى ما توجّه به الأمر ، والتغاير إنّما هو في الإطلاق والتقييد ، كقوله : «صلّ ، ولا تصلّ في الثوب المغصوب».
(٦) الفصول الغرويّة : ١٤٠.
(٧) أي : ومع اختلاف جهات البحث لا حاجة أصلا إلى تعدّد الموضوعات.