ومنها : ما ذكره شيخنا البهائيّ في مشرق الشمسين : من أنّ الصحيح عند القدماء ما كان محفوفا بما يوجب ركون النفس إليه. وذكر فيما يوجب الوثوق امورا لا تفيد إلاّ الظنّ (١).
ومعلوم أنّ الصحيح عندهم هو المعمول به ، وليس مثل الصحيح عند المتأخّرين في أنّه قد لا يعمل به لإعراض الأصحاب عنه أو لخلل آخر ؛ فالمراد أنّ المقبول عندهم ما تركن إليه النفس وتثق به.
هذا ما حضرني من كلمات الأصحاب ، الظاهرة في دعوى الاتّفاق على العمل بخبر الواحد الغير العلميّ في الجملة ، المؤيّدة لما ادّعاه الشيخ والعلاّمة.
ذهاب معظم الأصحاب إلى حجيّة الخبر الواحد
وإذا ضممت إلى ذلك كلّه ذهاب معظم الأصحاب بل كلّهم ـ عدا السيّد وأتباعه ـ من زمان الصدوق إلى زماننا هذا ، إلى حجّيّة الخبر الغير العلميّ ، حتّى أنّ الصدوق تابع في التصحيح والردّ لشيخه ابن الوليد ، وأنّ ما صحّحه فهو صحيح وأنّ ما ردّه فهو مردود ـ كما صرّح به في صلاة الغدير (٢) ، وفي الخبر الذي رواه في العيون عن كتاب الرحمة (٣) ـ ، ثمّ ضممت إلى ذلك ظهور عبارة أهل الرجال في تراجم كثير من الرواة في كون العمل بالخبر الغير العلميّ مسلّما عندهم ، مثل قولهم : فلان لا يعتمد على ما ينفرد به ، وفلان مسكون في روايته ، وفلان صحيح الحديث ، والطعن في بعض بأنّه يعتمد الضعفاء والمراسيل ،
__________________
(١) مشرق الشمسين (رسائل الشيخ البهائي) : ٢٦٩.
(٢) الفقيه ٢ : ٩٠ ، ذيل الحديث ١٨١٧.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٠ ـ ٢٣ ، الحديث ٤٥.