الثاني : أنّه إذا وجب الإنذار ثبت وجوب القبول ؛ وإلاّ لغى الإنذار.
ونظير ذلك : ما تمسّك به في المسالك على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها في العدّة ، من قوله تعالى : ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ﴾(١) ، فاستدلّ بتحريم الكتمان ووجوب الإظهار عليهنّ ، على قبول قولهنّ بالنسبة إلى ما في الأرحام (٢).
فإن قلت : المراد بالنفر النفر إلى الجهاد ، كما يظهر من صدر الآية وهو قوله تعالى : ﴿وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ،﴾ ومن المعلوم أنّ النفر إلى الجهاد ليس للتفقّه والإنذار.
نعم ربما يترتّبان عليه ، بناء على ما قيل (٣) : من أنّ المراد حصول البصيرة في الدين من مشاهدة آيات الله وظهور أوليائه على أعدائه وسائر ما يتّفق في حرب المسلمين مع الكفّار من آيات عظمة الله وحكمته ، فيخبروا بذلك عند رجوعهم (٤) الفرقة المتخلّفة الباقية في المدينة ؛ فالتفقّه والإنذار من قبيل الفائدة ، لا الغاية حتّى تجب بوجوب ذيها.
قلت :
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.
(٢) المسالك ٩ : ١٩٤.
(٣) قاله الحسن وأبو مسلم ، انظر تفسير التبيان ٥ : ٣٢١ ، ومجمع البيان ٣ : ٨٣ ـ ٨٤.
(٤) في (ر) ، (ص) و (ه) زيادة : «إلى» ، وشطب عليه في (ت).