مع أنّه يمكن فرض الخلوّ عن الصغيرة والكبيرة ، كما إذا علم منه التوبة من الذنب السابق ، وبه يندفع الإيراد المذكور ، حتّى على مذهب من يجعل كلّ ذنب كبيرة (١).
وأمّا احتمال فسقه بهذا الخبر ـ لكذبه فيه ـ فهو غير قادح ؛ لأنّ ظاهر قوله : ﴿إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾(٢) تحقّق الفسق قبل النبأ لا به ، فالمفهوم يدلّ على قبول خبر من ليس فاسقا مع قطع النظر عن هذا النبأ واحتمال فسقه به.
هذه جملة ممّا أوردوه على ظاهر الآية ، وقد عرفت (٣) أنّ الوارد منها إيرادان ، والعمدة الايراد الأوّل الذي أورده جماعة من القدماء والمتأخّرين (٤).
الاستدلال بمنطوق الآية على حجيّة خبر غير العادل إذا حصل الظنّ بصدقه
ثمّ إنّه كما استدلّ بمفهوم الآية على حجّيّة خبر العادل ، كذلك قد يستدلّ بمنطوقها على حجّيّة خبر غير العادل إذا حصل الظنّ بصدقه ؛ بناء على أنّ المراد ب «التبيّن» : ما يعمّ تحصيل الظنّ ، فإذا حصل من الخارج ظنّ بصدق خبر الفاسق كفى في العمل به.
ومن التبيّن الظنّيّ : تحصيل شهرة العلماء على العمل بالخبر أو على مضمونه أو على (٥) روايته ، ومن هنا تمسّك بعض (٦) بمنطوق الآية على
__________________
(١) كالحلّي في السرائر ٢ : ١١٨ ، وانظر تفصيل ذلك في مفاتيح الاصول : ٥٥٤.
(٢) الحجرات : ٦.
(٣) راجع الصفحة ٢٥٦.
(٤) تقدّم ذكرهم في الصفحة ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٥) لم ترد «على» في (ت) ، (ر) و (ظ).
(٦) انظر الفوائد الحائريّة : ٤٨٩ ، ومفاتيح الاصول : ٤٧٥.