وجوب التبيّن نفسيّا ، ما لا يخفى ؛ لأنّ الآية على هذا ساكتة عن حكم العمل بخبر الواحد ـ قبل التبيّن أو بعده (١) ـ فيجوز اشتراك الفاسق والعادل في عدم جواز العمل قبل التبيّن ، كما أنّهما يشتركان قطعا في جواز العمل بعد التبيّن والعلم بالصدق ؛ لأنّ العمل ـ حينئذ ـ بمقتضى التبيّن لا باعتبار الخبر.
فاختصاص الفاسق بوجوب التعرّض لخبره والتفتيش عنه دون العادل ، لا يستلزم كون العادل أسوأ حالا ، بل مستلزم لمزيّة كاملة للعادل على الفاسق ، فتأمّل.
ما أورد على الاستدلال بالآية بما لا يمكن دفعه :
وكيف كان : فقد اورد على الآية إيرادات كثيرة ربما تبلغ إلى نيّف وعشرين ، إلاّ أنّ كثيرا منها قابلة للدفع ، فلنذكر أوّلا ما لا يمكن الذبّ عنه ، ثمّ نتبعه بذكر بعض ما اورد من الإيرادات القابلة للدفع.
أمّا ما لا يمكن الذبّ عنه فإيرادان :
١ ـ عدم اعتبار مفهوم الوصف
أحدهما : عدم اعتبار مفهوم الوصف أنّ الاستدلال إن كان راجعا إلى اعتبار (٢) مفهوم الوصف ـ أعني الفسق ـ ، ففيه : أنّ المحقّق في محلّه عدم اعتبار المفهوم في الوصف ، خصوصا في الوصف الغير المعتمد على موصوف محقّق كما فيما نحن فيه ؛ فإنّه أشبه بمفهوم اللقب.
ولعلّ هذا مراد من أجاب عن الآية ـ كالسيّدين (٣) وأمين الإسلام (٤)
__________________
(١) في (ظ) بدل «بعده» : «مع تعذّره».
(٢) لم ترد «اعتبار» في (ظ).
(٣) الذريعة ٢ : ٥٣٥ ، والغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٤٧٥.
(٤) مجمع البيان ٥ : ١٣٣.