ظهور الاستناد إلى قاعدة اللطف من كلام جماعة
ثمّ إنّ الاستناد إلى هذا الوجه ظاهر من كلّ من اشترط في تحقّق الإجماع عدم مخالفة أحد من علماء العصر ، كفخر الدين والشهيد والمحقّق الثاني.
كلام فخر الدين في الإبضاح
قال في الإيضاح في مسألة ما يدخل في المبيع : إنّ من عادة المجتهد أنّه إذا تغيّر اجتهاده إلى التردّد أو الحكم بخلاف ما اختاره أوّلا ، لم يبطل ذكر الحكم الأوّل ، بل يذكر ما أدّاه إليه اجتهاده ثانيا في موضع آخر ؛ لبيان عدم انعقاد إجماع أهل عصر الاجتهاد الأوّل على خلافه ، وعدم انعقاد إجماع أهل العصر الثاني على كلّ واحد منهما ، وأنّه لم يحصل في الاجتهاد الثاني مبطل للأوّل ، بل معارض لدليله مساو له (١) ، انتهى.
وقد أكثر في الإيضاح من عدم الاعتبار بالخلاف ؛ لانقراض عصر المخالف (٢) ، وظاهره الانطباق على هذه الطريقة ، كما لا يخفى.
وقال في الذكرى : ظاهر العلماء المنع عن العمل بقول الميّت ؛ محتجّين بأنّه لا قول للميّت ؛ ولهذا ينعقد الإجماع على خلافه ميّتا (٣).
واستدلّ المحقّق الثاني في حاشية الشرائع على أنّه لا قول للميّت : بالإجماع على أنّ خلاف الفقيه الواحد لسائر أهل عصره يمنع من انعقاد الإجماع ؛ اعتدادا بقوله واعتبارا بخلافه ، فإذا مات وانحصر أهل العصر في المخالفين له انعقد وصار قوله غير منظور إليه ، ولا يعتدّ به (٤) ، انتهى.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ١ : ٥٠٢.
(٢) انظر ايضاح الفوائد ٣ : ٣١٨.
(٣) الذكرى ١ : ٤٤.
(٤) حاشية الشرائع (مخطوط) : ٩٩.