بإطلاق ونحوه ، فإنّ هذا شكّ في أصل التكليف. وفي مثله ، تجري أصالة البراءة القاضية بعدم وجوبهما.
فهذه الوجوه الأربعة كلّها أو بعضها أو نحوها هي سرّ حكم الفقهاء بالإجزاء قضاء أو أداء. والقول بالإجزاء ـ على هذا ـ أمر لا مفرّ منه. ويتأكّد ذلك في الصّلاة التي هي العمدة في الباب.
المقام الثاني : الأمر الظاهريّ
تمهيد
للحكم الظاهريّ اصطلاحان : أحدهما : ما تقدّم في أوائل الجزء الأوّل. (١) وهو المقابل للحكم الواقعيّ ، وإن كان الواقعيّ مستفادا من الأدلّة الاجتهاديّة الظنيّة ، فيختصّ الظاهريّ بما ثبت بالأصول العمليّة. وثانيهما : كلّ حكم ثبت ظاهرا عند الجهل بالحكم الواقعيّ الثابت في علم الله (تعالى) ، فيشمل الحكم الثابت بالأمارات والأصول معا ، فيكون الحكم الظاهريّ بالمعنى الثاني أعمّ من الأوّل.
وهذا المعنى الثاني العامّ هو المقصود هنا بالبحث ، فالأمر الظاهريّ : ما تضمّنه الأصل أو الأمارة.
ثمّ إنّه لا شكّ في أنّ الأمر الواقعيّ في موردي الأصل والأمارة غير منجّز على المكلّف ـ بمعنى أنّه لا عقاب على مخالفته بسبب العمل بالأمارة والأصل لو اتّفق مخالفتهما له (٢) ـ ؛ لأنّه من الواضح أنّ كلّ تكليف غير واصل إلى المكلّف بعد الفحص واليأس غير منجّز عليه ؛ ضرورة أنّ التكليف إنّما يتنجّز بوصوله بأيّ نحو من أنحاء الوصول ، ولو بالعلم الإجماليّ.
هذا كلّه لا كلام فيه ، وسيأتي في مباحث الحجّة تفصيل الحديث عنه (٣). وإنّما الذي
__________________
(١) تقدّم في مدخل الكتاب ، الصفحة : ٢٠.
(٢) أي للواقع.
(٣) يأتي في مقدّمة المقصد الثالث ، المبحث ٨ «موطن حجيّة الأمارات».