* الوضع في الحروف عامّ والموضوع له خاصّ (١)
إذا اتّضح جميع ما تقدّم ، يظهر أنّ كلّ نسبة حقيقتها متقومة بطرفيها على وجه لو قطع النظر عن الطرفين لبطلت وانعدمت ، فكلّ نسبة في وجودها الرابط مباينة لأيّة نسبة أخرى ، ولا تصدق عليها ، وهي في حدّ ذاتها مفهوم جزئيّ حقيقيّ.
وعليه ، فلا يمكن فرض النسبة مفهوما كلّيّا ينطبق على كثيرين وهي متقوّمة بالطرفين ، وإلاّ لبطلت وانسلخت عن حقيقة كونها نسبة.
ثمّ إن النسب غير محصورة ، فلا يمكن تصوّر جميعها للواضع ، فلا بدّ في مقام الوضع لها من تصوّر معنى اسميّ يكون عنوانا للنسب غير المحصورة ، حاكيا عنها ، وليس العنوان في نفسه نسبة ، كمفهوم لفظ «النسبة الابتدائيّة» المشار به إلى أفراد النسب الابتدائيّة الكلاميّة ، ثمّ يضع لنفس الأفراد غير المحصورة التى لا يمكن التعبير عنها إلاّ بعنوانها. وبعبارة أخرى : إنّ الموضوع له هو النسبة الابتدائية بالحمل الشائع ، وأمّا بالحمل الأوّلى فليست بنسبة حقيقة ، بل تكون طرفا للنسبة ، كما لو قلت : «الابتداء كان من هذا المكان».
ومن هذا يعلم حال أسماء الإشارة والضمائر والموصولات ونحوها ، فالوضع في الجميع عامّ والموضوع له خاصّ (٢).
__________________
(١) اعلم أنّ الأقوال في وضع الحروف كثيرة ، وإن شئت تفصيلها فراجع الفصول الغرويّة : ١٦ ؛ كفاية الأصول : ٢٥ ـ ٢٦ ؛ فوائد الأصول ١ : ٥٧ ـ ٥٨ ؛ نهاية الأفكار ١ : ٥٣ ـ ٥٤.
(٢) والخلاف الموجود في وضع الحروف موجود في المقام أيضا.