[الفصل الثامن]
[في نسخ الوجوب]
فصل : إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز بالمعنى الأعمّ (١) ، ولا بالمعنى الأخصّ (٢) ، كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الأحكام ، ضرورة أنّ ثبوت كلّ واحد من الأحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن ، ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ بإحدى الدلالات على تعيين واحد منها ، كما هو أوضح من أن يخفى (٣). فلا بدّ للتعيين من دليل آخر.
ولا مجال لاستصحاب الجواز (٤) إلّا بناء على جريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكليّ ، وهو ما إذا شكّ (٥) في حدوث فرد كلّيّ مقارنا لارتفاع
__________________
(١) وهو الجنس لما عد الحرمة من الأحكام الأربعة.
(٢) وهو الإباحة الّتي من الأحكام الخمسة التكليفيّة.
(٣) أمّا دليل الناسخ : فلأنّه لا يقتضي سوى رفع الحكم الثابت ـ أعني الوجوب ـ من دون تعرّض إلى الجواز وغيره.
وأمّا دليل المنسوخ الدالّ على الوجوب : فلأنّ الوجوب أمر بسيط ، لا تركّب في حقيقته ، فلا يدلّ دليل المنسوخ إلّا على الوجوب الّذي قد ارتفع بدليل الناسخ فرضا.
(٤) بأن يقال : إنّ الجواز قبل نسخ الوجوب متيقّن ، لأنّ الوجوب هو جواز الفعل مع المنع من الترك ، وبعد نسخه نشكّ في بقائه ، فنستصحب.
(٥) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «وهو كما إذا شكّ ...» ، لأنّ القسم الثالث من ـ