المقدّمة ، بل لأجل المنع عن غيرها المانع عن الاتّصاف بالوجوب هاهنا ، كما لا يخفى.
مع أنّ في صحّة المنع عنه كذلك نظر (١). وجهه أنّه يلزم أن لا يكون ترك الواجب حينئذ مخالفة وعصيانا ، لعدم التمكّن شرعا منه ، لاختصاص جواز مقدّمته بصورة الإتيان به. وبالجملة : يلزم أن يكون الإيجاب مختصّا بصورة الإتيان ، لاختصاص جواز المقدّمة بها ، وهو محال ، فإنّه يكون من طلب الحاصل المحال (٢) ، فتدبّر جيّدا (٣).
بقي شيء :
وهو : أنّ ثمرة القول بالمقدّمة الموصلة هي تصحيح العبادة الّتي يتوقّف على تركها فعل الواجب ، بناء على كون ترك الضدّ ممّا يتوقّف عليه فعل ضدّه ، فإنّ تركها ـ على هذا القول ـ لا يكون مطلقا واجبا ليكون فعلها محرّما فتكون فاسدة ، بل فيما يترتّب عليه الضدّ الواجب ، ومع الإتيان بها لا يكاد يكون هناك ترتّب ، فلا يكون تركها مع ذلك واجبا ، فلا يكون فعلها منهيّا عنه ، فلا تكون فاسدة (٤).
__________________
(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «نظرا».
(٢) حيث كان الإيجاب فعلا متوقّفا على جواز المقدّمة شرعا ، وجوازها كذلك كان متوقّفا على إيصالها المتوقّف على الإتيان بذي المقدّمة بداهة ، فلا محيص إلّا عن كون إيجابه على تقدير الإتيان به ، وهو من طلب الحاصل الباطل. منه رحمهالله.
(٣) قال المحقّق الاصفهانيّ : «إنّ الصحيح في الإشكال هو محذور طلب الحاصل. وأمّا لزوم عدم كون ترك الواجب مخالفة وعصيانا فمخدوش بأنّه مع عدم الوجوب قبل الوجود لا وجوب حتّى يكون الترك ترك الواجب ، ليلزم عدم كونه مخالفة وعصيانا ، لينافي طبيعة ترك الواجب». نهاية الدراية ١ : ٤٠٣.
(٤) توضيحه : أنّ ترك الصلاة ـ مثلا ـ إذا كان مقدّمة لواجب أهمّ ـ كإزالة النجاسة ـ كان ذلك الترك واجبا. وإذا صار الترك واجبا كان فعلها منهيّا عنه ـ بناء على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ ـ ، وإذا كان منهيّا عنه فهو فاسد ، لأنّ النهي عن العبادة يوجب فسادها. هذا بناء على القول بوجوب مطلق المقدّمة.
وأمّا بناء على القول بوجوب خصوص الموصلة فيصحّ فعل الصلاة في المثال السابق. وذلك لأنّ الترك الواجب ـ على هذا القول ـ انّما هو الترك الموصل ، لا مطلق الترك. ـ