إن قلت : كما يسقط الأمر في تلك الامور ، كذلك يسقط بما ليس بالمأمور به فيما يحصل به الغرض منه ، كسقوطه في التوصّليّات بفعل الغير أو المحرّمات.
قلت : نعم ، ولكن لا محيص عن أن يكون ما يحصل به الغرض من الفعل الاختياريّ للمكلّف متعلّقا للطلب فيما لم يكن فيه مانع ـ وهو كونه بالفعل محرّما ـ ، ضرورة أنّه لا يكون بينهما تفاوت أصلا. فكيف يكون أحدهما متعلّقا له فعلا دون الآخر؟
وقد استدلّ صاحب الفصول على ما ذهب إليه بوجوه ، حيث قال ـ بعد بيان أنّ التوصّل بها إلى الواجب من قبيل شرط الوجود لها ، لا من قبيل شرط الوجوب ـ ما هذا لفظه : «والّذي يدلّك على هذا ـ يعني الاشتراط بالتوصّل ـ أنّ وجوب المقدّمة لمّا كان من باب الملازمة العقليّة ـ فالعقل لا يدلّ عليه زائدا على القدر المذكور.
وأيضا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم : اريد الحجّ واريد المسير الّذي يتوصّل به إلى فعل الواجب دون ما لم يتوصّل به إليه ، بل الضرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك ، كما أنّها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيّتها له مطلقا أو على تقدير التوصّل بها إليه ، وذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه ووجوب مقدّماته على تقدير عدم التوصّل بها إليه.
وأيضا حيث إنّ المطلوب بالمقدّمة مجرّد التوصّل بها إلى الواجب وحصوله ، فلا جرم يكون التوصّل بها إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيّتها ، فلا تكون مطلوبة إذا انفكّت عنه ، وصريح الوجدان قاض بأنّ من يريد شيئا لمجرّد حصول شيء آخر لا يريده إذا وقع مجرّدا عنه ، ويلزم منه أن يكون وقوعه على وجه المطلوب
__________________
ـ وأجاب السيّد المحقّق الخوئيّ عن هذا الوجه أوّلا : بالنقض بأجزاء الواجب المركّب ، حيث يسقط بإتيان كلّ واحد منها الأمر الضمنيّ المتعلّق بها. وثانيا : بما مرّ في الجواب عن الوجه الثاني. محاضرات في اصول الفقه ٢ : ٤١٧.
وأجاب عنه السيّد الإمام الخمينيّ أيضا بأنّ الأمر غير ساقط بعد فرض تعلّقه بالمقدّمة الموصلة ، فسقوط أمرها أوّل الكلام. مناهج الوصول ١ : ٣٩٦.