وهو فاسد ، لأنّه لا يكون إطلاق إلّا فيما جرت هناك المقدّمات. نعم ، إذا كان التقييد بمنفصل ، ودار الأمر بين الرجوع إلى المادّة أو الهيئة ، كان لهذا التوهّم مجال حيث انعقد للمطلق إطلاق ، وقد استقرّ له ظهور ولو بقرينة الحكمة ، فتأمّل.
[٣ ـ الواجب النفسيّ والواجب الغيريّ]
ومنها : تقسيمه إلى النفسيّ والغيريّ.
[تعريف الواجب النفسيّ والغيريّ]
وحيث كان طلب شيء وإيجابه لا يكاد يكون بلا داع ، فإن كان الداعي فيه هو التوصّل به إلى واجب لا يكاد التوصّل بدونه إليه لتوقّفه عليه فالواجب غيريّ ، وإلّا فهو نفسيّ ، سواء كان الداعي محبوبيّة الواجب بنفسه ، كالمعرفة بالله ، أو محبوبيّته بما له من فائدة مترتّبة عليه ، كأكثر الواجبات من العبادات (١) والتوصّليّات (٢). هذا.
لكنّه لا يخفى : أنّ الداعي لو كان هو محبوبيّته كذلك ـ أي بما له من الفائدة المترتّبة عليه ـ كان الواجب في الحقيقة واجبا غيريّا ، فإنّه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازما لما دعا إلى إيجاب ذي الفائدة.
فإن قلت : نعم ، وإن كان وجودها محبوبا لزوما ، إلّا أنّه حيث كانت من الخواصّ المترتّبة على الأفعال الّتي ليست داخلة تحت قدرة المكلّف لما كاد يتعلّق بها الإيجاب.
قلت : بل هي داخلة تحت القدرة ، لدخول أسبابها تحتها ، والقدرة على السبب قدرة على المسبّب ، وهو واضح ، وإلّا لما صحّ وقوع مثل التطهير والتمليك والتزويج والطلاق والعتاق إلى غير ذلك من المسبّبات موردا لحكم من الأحكام التكليفيّة.
__________________
(١) كالصلاة والصوم والحجّ.
(٢) كتكفين الميّت ودفنه.