من وجب (١) عليه الصوم في الغد ، إذ يكشف به بطريق الإنّ عن سبق وجوب الواجب ، وإنّما المتأخّر هو زمان إتيانه ولا محذور فيه أصلا.
ولو فرض العلم بعدم سبقه لاستحال اتّصاف مقدّمته بالوجوب الغيريّ. فلو نهض دليل على وجوبها فلا محالة يكون وجوبها نفسيّا ، ولو تهيّئيّا (٢) ، ليتهيّأ بإتيانها واستعدّ (٣) لإيجاب ذي المقدّمة عليه ، فلا محذور أيضا (٤).
إن قلت : لو كان وجوب المقدّمة في زمان كاشفا عن سبق وجوب ذي المقدّمة
__________________
(١) وفي بعض النسخ : «ممّا وجب». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) هذا هو الصحيح ، والموافق للنسخة الأصليّة. بخلاف ما في بعض النسخ : «نفسيّا تهيّئيّا».
(٣) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «ويستعدّ».
(٤) وحاصل كلامه : أنّه يمكن التفصيّ عن إشكال وجوب المقدّمات المفوّتة بوجوه :
الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «بالتعلّق بالتعليق» ، وهو الالتزام بالوجوب التعليقيّ في هذه الموارد ، فيكون ذو المقدّمة واجبا فعليّا بالوجوب النفسيّ قبل وقته ، فيصحّ الحكم بوجوب المقدّمة المفوّتة ـ قبل الوقت ـ وجوبا غيريّا ترشّح عن الوجوب النفسيّ. وهذا ما أفاده صاحب الفصول.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «أو بما يرجع إليه ...» وهو جعل الشرط من قيود المادّة ، لا الهيئة. وهذا ما سلكه الشيخ الأعظم الأنصاريّ. ولكن المصنّف لم يلتزم به.
الثالث : ما أشار إليه بقوله : «فقد عرفت أنّه لا اشكال في لزوم الإتيان ...». وحاصله : الالتزام بالواجب المشروط بالشرط المتأخّر. فيقال : إنّ المقدّمات المفوّتة واجبة بنحو الشرط المتأخّر ، فإذا علمنا بحصول الواجب في شرطه نعلم بفعليّة الحكم فعلا قبل حصول المقدّمات ، فلا مانع من ترشّح الوجوب على المقدّمات لفعليّة الوجوب النفسيّ قبلها.
الرابع : ما أشار إليه بقوله : «ولو فرض العلم بعدم سبقه ...». وهو الالتزام بوجوب المقدّمات المفوّتة بالوجوب النفسيّ التهيّئي. وذلك فيما إذا علمنا بوجوب المقدّمة وعدم سبق وجوب ذي المقدّمة.
ولا يخفى : أنّ هذه الوجوه لا تخلو عن المناقشة عند من تأخّر عن المصنّف ، فتشبّثوا بوجوه أخر في التفصّي عن الإشكال ، فيها أيضا مناقشات وأبحاث طويلة لا يسعها هذا المختصر. وعلى المتتبّع أن يراجع نهاية الدراية ١ : ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، نهاية الأفكار ١ : ٢٩٢ ـ ٣١٩ ، فوائد الاصول ١ : ١٩٧ ـ ٢٠٣ ، مناهج الوصول ١ : ٣٥٦ ـ ٣٥٨ ، المحاضرات ٢ : ٣٦١ ، وغيرها.