واستصحاب عدم كون التكليف بالواقع فعليّا في الوقت لا يجدي (١) ولا يثبت كون ما أتى به مسقطا ، إلّا على القول بالأصل المثبت (٢) ، وقد علم اشتغال ذمّته بما يشكّ في فراغها عنه بذلك المأتي.
وهذا بخلاف ما إذا علم أنّه مأمور به واقعا وشكّ في أنّه يجزئ عمّا هو المأمور به الواقعيّ الأوّليّ ـ كما في الأوامر الاضطراريّة أو الظاهريّة ، بناء على أن تكون الحجّيّة على نحو السببيّة ـ ، فقضيّة الأصل فيها ـ كما أشرنا إليه ـ عدم وجوب الإعادة ، للإتيان بما اشتغلت به الذمّة يقينا ، وأصالة عدم فعليّة التكليف الواقعيّ بعد رفع الاضطرار وكشف الخلاف.
وأمّا القضاء فلا يجب ، بناء على أنّه فرض جديد ، وكان الفوت المعلّق عليه وجوبه لا يثبت بأصالة عدم الإتيان إلّا على القول بالأصل المثبت ، وإلّا فهو واجب ، كما لا يخفى على المتأمّل ، فتأمّل جيّدا.
ثمّ إنّ هذا كلّه فيما يجري في متعلّق التكاليف من الأمارات الشرعيّة والاصول العمليّة.
وأمّا ما يجري في إثبات أصل التكليف ـ كما إذا قام الطريق أو الأصل على وجوب صلاة الجمعة يومها في زمان الغيبة ، فانكشف بعد أدائها وجوب صلاة الظهر في زمانها ـ فلا وجه لإجزائها مطلقا ؛ غاية الأمر أن تصير صلاة الجمعة فيها (٣) أيضا ذات مصلحة لذلك (٤) ؛ ولا ينافي هذا بقاء صلاة الظهر على ما هي عليه من المصلحة كما لا يخفى ، إلّا أن يقوم دليل بالخصوص على عدم وجوب صلاتين في يوم واحد.
__________________
(١) هكذا في بعض النسخ المخطوطة والمطبوعة. وأمّا في النسخة الأصليّة فهكذا : «فعليّا لا يجدى ...».
(٢) لأنّ كون ما أتى به مسقطا ليس من اللوازم الشرعيّة للمستصحب ـ أي عدم كون التكليف بالواقع فعليّا في الوقت ـ ، بل هو من لوازمه العقليّة.
(٣) أي : في الغيبة. والأولى أن يقول : «فيه» حتّى يرجع الضمير إلى زمان الغيبة.
(٤) أي : لأجل قيام الأمارة أو الأصل على وجوبها.