هذا كلّه فيما يمكن أن يقع عليه الاضطراريّ من الأنحاء (١).
وأمّا ما وقع عليه : فظاهر إطلاق دليله ـ مثل قوله تعالى : ﴿فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾ (٢) وقوله عليهالسلام : «التراب أحد الطهورين» (٣) و «يكفيك عشر سنين» (٤) ـ هو الإجزاء وعدم وجوب الإعادة أو القضاء. ولا بدّ في إيجاب الإتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص.
وبالجملة : فالمتّبع هو الإطلاق لو كان ، وإلّا فالأصل ، وهو يقتضي البراءة من إيجاب الإعادة ، لكونه شكّا في أصل التكليف (٥) ؛ وكذا من
__________________
ـ وما أثبتناه موافق أيضا لما في حقائق الاصول للسيّد الحكيم ، كما أنّ العبارة الثانية توافق ما في كتاب الكفاية المحشّى بحاشية العلّامة القوچانيّ والمحشّى بحاشية العلّامة المشكينيّ.
والصحيح ما أثبتناه ، لأنّ البدار مستحبّ بلا ريب ، ولا معنى لتعيّنه على المكلّف. وعليه يكون معنى العبارة : أنّه يتعيّن على المكلّف أمران مستحبّان : (أحدهما) في حال الاضطرار ، وهو البدار ، لقوله تعالى : ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ﴾ البقرة / ١٤٨. و (ثانيهما) بعد طروء الاختيار ، وهو الإعادة لاستيفاء المصلحة غير الملزمة.
(١) وبعبارة اخرى : هذا كلّه في مقام الثبوت.
(٢) النساء / ٤٣ ، والمائدة / ٦.
(٣) هذا مفاد الروايات الواردة في الباب ، وإليك نصّها : «إنّ الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا». الوسائل ١ : ٩٩ ، الباب ١ من أبواب كتاب الطهارة ، الحديث ١.
(٤) عن أبي ذر ، أنّه أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله هلكت ، جامعت على غير ماء! قال : فأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمحمل ، فاستترت به وبماء ، فاغتسلت أنا وهي. ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا أبا ذر! يكفيك الصعيد عشر سنين». وسائل الشيعة ٢ : ٩٨٤ ، الباب ١٤ من أبواب التيمّم ، الحديث ١٢.
(٥) وخالفه السيّد المحقّق الخوئيّ ، فقال : «لا يجوز التمسّك بأصالة البراءة. وذلك لأنّ رفع الاضطرار في أثناء الوقت ـ كما في المفروض في المقام ـ كاشف عن عدم تعلّق الأمر واقعا بالفعل الاضطراريّ ليكون الإتيان به مجزيا عن الواقع ، بل من الأوّل كان متعلّقا بالفعل الاختياريّ التامّ ، والمفروض عدم امتثاله ، فإذن لا نشكّ في وجوب الإتيان به لنتمسك بأصالة البراءة عنه». المحاضرات ٢ : ٢٣٦.
ولا يخفى : أنّ كلامه هذا يناقض ما ذكره تعليقا على أجود التقريرات ١ : ١٩٦ ، حيث قال : «فإن كان لدليل الأمر بالفعل الاضطراريّ إطلاق يقتضي جواز الاكتفاء به في مقام الامتثال ولو كان الاضطرار مرتفعا بعده فهو المرجع ، والّا فأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب الإعادة ، ...». ـ