وتوهّم أنّه لو اريد بالمرّة الفرد لكان الأنسب بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمّة للمبحث الآتي من أنّ الأمر هل يتعلّق بالطبيعة أو بالفرد؟ فيقال عند ذلك : «وعلى تقدير تعلّقه بالفرد هل يقتضي التعلّق بالفرد الواحد أو المتعدّد ، أو لا يقتضي شيئا منهما؟». ولم يحتج إلى إفراد كلّ منهما بالبحث كما فعلوه ، وأمّا لو اريد بها الدفعة فلا علقة بين المسألتين كما لا يخفى (١) ؛ فاسد ، لعدم العلقة بينهما لو اريد بها الفرد أيضا ، فإنّ الطلب ـ على القول بالطبيعة ـ إنّما يتعلّق بها باعتبار وجودها في الخارج ، ضرورة أنّ الطبيعة من حيث هي ليست إلّا هي ، لا مطلوبة ولا غير مطلوبة. وبهذا الاعتبار كانت مردّدة بين المرّة والتكرار بكلا المعنيين. فيصحّ النزاع في دلالة الصيغة على المرّة والتكرار (٢) بالمعنيين وعدمها ؛ أمّا بالمعنى الأوّل فواضح ؛ وأمّا بالمعنى الثاني فلوضوح أنّ المراد من الفرد أو الأفراد (٣) وجود واحد أو وجودات ، وإنّما عبّر بالفرد لأنّ وجود الطبيعة في الخارج هو الفرد ، غاية الأمر خصوصيّته وتشخّصه ـ على القول بتعلّق الأمر بالطبائع ـ يلازم المطلوب وخارج عنه ، بخلاف القول بتعلّقه بالأفراد ، فإنّه ممّا يقوّمه.
تنبيه : [الامتثال عقيب الامتثال]
لا إشكال بناء على القول بالمرّة في الامتثال ، وأنّه لا مجال للإتيان بالمأمور به ثانيا على أن يكون أيضا به الامتثال ، فإنّه من الامتثال بعد الامتثال.
وأمّا على المختار ـ من دلالتها على طلب الطبيعة من دون دلالة على المرّة ولا على التكرار ـ فلا تخلو الحال : إمّا أن لا يكون هناك إطلاق الصيغة في مقام البيان ـ بل في مقام الإهمال أو الإجمال ـ فالمرجع هو الأصل ؛ وإمّا أن يكون إطلاقها في ذلك المقام فلا إشكال في الاكتفاء بالمرّة في الامتثال. وإنّما الإشكال في جواز أن لا يقتصر عليها ، فإنّ لازم إطلاق الطبيعة المأمور بها هو الإتيان بها
__________________
(١) هذا ما توهّمه صاحب الفصول ، فراجع الفصول الغرويّة : ٧١.
(٢) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «أو التكرار».
(٣) في مبحث المرّة والتكرار.