[مقتضى الاصول العمليّة]
فلا بدّ عند الشكّ (١) وعدم إحراز هذا المقام (٢) من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل ، ويستقلّ به العقل.
فاعلم : أنّه لا مجال هاهنا إلّا لأصالة الاشتغال ـ ولو قيل بأصالة البراءة فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ـ. وذلك لأن الشّك هاهنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم ، مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها ، فلا يكون العقاب مع الشكّ وعدم إحراز الخروج عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان (٣) ، ضرورة أنّه بالعلم بالتكليف تصحّ المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن العهدة لو اتّفق عدم الخروج عنها بمجرّد الموافقة بلا قصد القربة. وهكذا الحال في كلّ ما شكّ دخله في الطاعة والخروج به عن العهدة ممّا لا يمكن اعتباره في المأمور به ، كالوجه والتمييز (٤).
__________________
(١) أي : الشكّ في دخل شيء في متعلّق الأمر ، كقصد القربة ، حيث يمتنع أخذه في متعلّق الأمر ، فلا إطلاق حتّى يتمسّك به في اثبات عدم دخله.
(٢) أي : كون الآمر بصدد بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه.
(٣) أي : ولا تكون المؤاخذة عليه مؤاخذة بلا برهان.
(٤) لا يخفى : أنّ دعوى المصنّف في المبحث الخامس مركّب من دعاو خمسة :
الاولى : امتناع أخذ قصد الامتثال في متعلّق الأمر لو كان الأمر واحدا.
الثانية : امتناع أخذ قصد الامتثال في متعلّق الأمر ولو كان الأمر متعدّدا.
الثالثة : أنّ الأصل هو التوصليّة فيما إذا احرز أنّ الآمر يكون في مقام بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه.
الرابعة : أنّ المجرى فيما إذا دار الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين هو البراءة الشرعيّة.
الخامسة : أنّه لو شكّ في دخل شيء في متعلّق الأمر ممّا يمتنع أخذه فيه ، ولم يحرز كون الآمر بصدد بيان تمام ما له دخل في غرضه ، فليس في كلامه إطلاق ، لا الإطلاق المقاليّ ولا المقاميّ ، فلا بدّ من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل العمليّ ، وهو أصالة الاشتغال.
ولكن خالفه في هذه الدعاوي أكثر من تأخّر عنه.
أمّا الدعوى الاولى : فخالفه السيّدان العلمان ـ الإمام الخمينيّ والمحقّق الخوئيّ ـ.
مناهج الوصول ١ : ٢٧٤ ، المحاضرات ٢ : ١٧٧. ـ