لنفسه ضروريّ». (١) هذا ملخّص ما أفاده الشريف على ما لخّصه بعض الأعاظم (٢).
وقد أورد عليه في الفصول ب : «أنّه يمكن أن يختار الشقّ الأوّل (٣) ، ويدفع الإشكال بأنّ كون الناطق ـ مثلا ـ فصلا مبنيّ على عرف المنطقيّين حيث اعتبروه مجرّدا عن مفهوم الذات ، وذلك لا يوجب وضعه لغة كذلك».
وفيه : أنّه من المقطوع أنّ مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرّف في معناه أصلا ، بل بما له من المعنى ، كما لا يخفى.
والتحقيق : أن يقال : إنّ مثل الناطق ليس بفصل حقيقيّ ، بل لازم ما هو الفصل وأظهر خواصّه ، وإنّما يكون فصلا مشهوريّا منطقيّا يوضع مكانه (٤) إذا لم يعلم نفسه ، بل لا يكاد يعلم ، كما حقّق في محلّه (٥) ، ولذا ربما يجعل لا زمان مكانه إذا كانا متساوي النسبة إليه ، كالحسّاس والمتحرّك بالإرادة في الحيوان ؛ وعليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشيء في مثل الناطق ، فإنّه (٦) وإن كان عرضا عامّا ، لا فصلا مقوّما للإنسان ، إلّا أنّه بعد تقييده بالنطق واتّصافه به كان من أظهر خواصّه.
وبالجملة : لا يلزم من أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتقّ إلّا دخول العرض
__________________
(١) هامش شرح المطالع : ١١.
(٢) مراده من بعض الأعاظم هو إمّا صاحب الفصول وإمّا صاحب البدائع أو كلاهما. فراجع الفصول الغرويّة : ٦١ ، وبدائع الأفكار (للمحقّق الرشتيّ) : ١٧٤.
وحاصل ما أفاده المحقّق الشريف : أنّه لا يصحّ القول بتركيب المشتقّ من الشيء والمبدأ ، لأنّه إن اخذ مفهوم «الشيء» في مفهوم المشتقّ يلزم دخول العرضيّ في الذاتيّ فيما إذا كان المشتقّ فصلا ، فالناطق ـ مثلا ـ لو كان معناه : «شيء ثبت له النطق» يلزم دخول العرض العامّ ـ أي شيء ـ في الفصل ، وهو محال. وإن اخذ مصداق الشيء في مفهوم المشتقّ يلزم انقلاب القضيّة الممكنة إلى القضيّة الضروريّة ، فإنّ المصداق الّذي يثبت له الضحك ـ مثلا ـ في قولنا : «الإنسان ضاحك» ليس إلّا الإنسان ، فيرجع الأمر في قضيّة «الإنسان ضاحك» إلى «الإنسان إنسان له الضحك» ، وثبوت الإنسان للإنسان من ثبوت الشيء لنفسه ، وهو ضروريّ ، فتنقلب القضيّة الممكنة إلى الضروريّة.
(٣) أي : أخذ مفهوم الشيء في المشتقّ.
(٤) أي : مكان الفصل الحقيقيّ.
(٥) راجع ما علّقنا على نهاية الحكمة ١ : ١٣٧.
(٦) أي : مفهوم الشيء.