ثانيها : أن يكون لأجل الإشارة إلى علّيّة المبدأ للحكم مع كفاية مجرّد صحّة جري المشتقّ عليه ولو فيما مضى (١).
ثالثها : أن يكون لذلك مع عدم الكفاية (٢) ، بل كان الحكم دائرا مدار صحّة الجري عليه واتّصافه به حدوثا وبقاء.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ الاستدلال بهذا الوجه إنّما يتمّ لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الأخير ، ضرورة أنّه لو لم يكن المشتقّ للأعمّ لما تمّ بعد عدم التلبّس بالمبدإ ظاهرا حين التصدّي ، فلا بدّ أن يكون للأعمّ ، ليكون حين التصدّي حقيقة من الظالمين ولو انقضى عنهم التلبّس بالظلم ، وأمّا إذا كان على النحو الثاني فلا ، كما لا يخفى.
ولا قرينة على أنّه على النحو الأوّل ، لو لم نقل بنهوضها على النحو الثاني ، فإنّ الآية الشريفة في مقام بيان جلالة قدر الإمامة والخلافة وعظم خطرها ورفعة محلّها ، وأنّ لها خصوصيّة من بين المناصب الإلهيّة ، ومن المعلوم أنّ المناسب لذلك هو أن لا يكون المتقمّص بها متلبّسا بالظلم أصلا ، كما لا يخفى.
إن قلت : نعم ، ولكن الظاهر أنّ الإمام عليهالسلام إنّما استدلّ بما هو قضيّة ظاهر العنوان وضعا ، لا بقرينة المقام مجازا ، فلا بدّ أن يكون للأعمّ ، وإلّا لما تمّ.
قلت : لو سلّم ، لم يكن يستلزم جري المشتقّ على النحو الثاني كونه مجازا ، بل يكون حقيقة لو كان بلحاظ حال التلبّس ، كما عرفت ؛ فيكون معنى الآية ـ والله العالم ـ : «من كان ظالما ولو آنا في زمان سابق لا ينال عهدي أبدا». ومن الواضح أنّ إرادة هذا المعنى لا تستلزم الاستعمال لا بلحاظ حال التلبّس.
ومنه قد انقدح ما في الاستدلال على التفصيل بين المحكوم عليه والمحكوم
__________________
ـ في الواقع ـ أي عمرو ـ بلا دخل له في الحكم.
(١) وبتعبير آخر : تلاحظ العنوان دخيلا في الحكم حدوثا ، لا بقاء ، فبقاء الحكم يدور مدار بقاء العنوان ، بل يكون حدوث العنوان علّة محدثة ومبقية معا.
(٢) أي : يكون أخذ العنوان لأجل الإشارة إلى أنّ العنوان دخيل في الحكم حدوثا وبقاء.