ـ ولو بالانطباق (١) ـ لا وجه لملاحظة حالة اخرى (٢) ، كما لا يخفى. بخلاف ما إذا لم يكن له العموم ، فإنّ استعماله حينئذ مجازا بلحاظ حال الانقضاء وإن كان ممكنا ، إلّا أنّه لمّا كان بلحاظ حال التلبّس على نحو الحقيقة بمكان من الإمكان ، فلا وجه لاستعماله وجريه على الذات مجازا وبالعناية وملاحظة العلاقة ، وهذا غير استعمال اللفظ فيما لا يصحّ استعماله فيه حقيقة ، كما لا يخفى ، فافهم.
ثمّ إنّه ربما اورد (٣) على الاستدلال بصحّة السلب بما حاصله : أنّه إن اريد بصحّة السلب صحّته مطلقا (٤) فغير سديد ، وإن اريد مقيّدا فغير مفيد ، لأنّ علامة المجاز هي صحّة السلب المطلق.
وفيه : أنّه إن اريد بالتقييد تقييد المسلوب الّذي يكون سلبه أعمّ من سلب المطلق ـ كما هو واضح ـ فصحّة سلبه وإن لم تكن علامة على كون المطلق مجازا فيه إلّا أنّ تقييده ممنوع ؛ وإن اريد تقييد السلب فغير ضائر بكونها علامة ، ضرورة صدق المطلق على أفراده على كلّ حال ، مع إمكان منع تقييده أيضا بأن يلاحظ حال الانقضاء في طرف الذات الجاري عليها المشتقّ ، فيصحّ سلبه مطلقا بلحاظ هذا الحال ، كما لا يصحّ سلبه بلحاظ حال التلبّس ، فتدبّر جيّدا (٥).
__________________
(١) أي : انطباق المعنى العامّ الموضوع له عليه ، لا بالاستعمال. والفرق بينهما : أنّ الاستعمال ـ وهو إلقاء المعنى باللفظ ـ يتّصف بالحقيقة والمجاز والغلط ، فإن كان المستعمل فيه نفس المعنى الموضوع له اللفظ كان الاستعمال حقيقيّا ، وإن كان المعنى المناسب للموضوع له كان الاستعمال مجازيّا ، وإن كان غير المناسب له كان الاستعمال غلطا. وأمّا انطباق المعنى الكلّيّ على مصاديقه فلا يتّصف بها ، بل أمره دائر بين الوجود والعدم.
(٢) أي : لا وجه لملاحظة حال التلبّس ، لأنّ استعماله في مورد الانقضاء حقيقة بلحاظ حال الجري على القول بالأعمّ.
(٣) راجع بدائع الأفكار (المحقّق الرشتيّ) : ١٨٠ ، والفصول الغرويّة : ٦١.
(٤) أي : من دون تقييده بحال الانقضاء.
(٥) وتوضيح الجواب : أنّ في تقييد صحّة السلب وجوه :
الأوّل : أن يكون المقيّد نفس المسلوب ـ أي المشتقّ ـ نحو : «زيد ليس بضارب حال ـ