وذلك لوضوح أنّ مثل القائم والضارب والعالم وما يرادفها من سائر اللغات لا يصدق على من لم يكن (١) متلبّسا بالمبادئ ، وإن كان متلبّسا بها قبل الجري والانتساب ، ويصحّ سلبها عنه. كيف؟ (٢) وما يضادّها بحسب ما ارتكز من معناها في الأذهان يصدق عليه ، ضرورة صدق القاعد عليه في حال تلبّسه بالقعود بعد انقضاء تلبّسه بالقيام ، مع وضوح التضادّ بين القاعد والقائم بحسب ما ارتكز لهما من المعنى ، كما لا يخفى.
وقد يقرّر هذا (٣) وجها على حدة ، ويقال : لا ريب في مضادّة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادّة على ما ارتكز لها من المعاني ، فلو كان المشتقّ حقيقة في الأعمّ لما كان بينها مضادّة ، بل مخالفة ، لتصادقها فيما انقضى عنه المبدأ وتلبّس بالمبدإ الآخر.
ولا يرد على هذا التقرير ما أورده بعض الأجلّة من المعاصرين (٤) من عدم التضادّ على القول بعدم الاشتراط ، لما عرفت من ارتكازه بينها (٥) كما في مبادئها.
إن قلت : لعلّ ارتكازها (٦) لأجل السبق من الإطلاق لا الاشتراط (٧).
قلت : لا يكاد يكون لذلك ، لكثرة استعمال المشتقّ في موارد الانقضاء لو
__________________
(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «من لا يكون».
(٢) أي : كيف لا يصحّ سلبها عمّن لا يكون متلبّسا فعلا بالمبادئ؟
(٣) أي : لزوم اجتماع الضدّين.
(٤) وهو المحقّق الرشتيّ في بدائع الأفكار : ١٨١.
(٥) أي : ارتكاز التضادّ بين الصفات المتقابلة كارتكازيّته بين مبادئها ، فلا يتوقّف التضادّ بينها على القول بالاشتراط كي يلزم الدور.
ولا يخفى ما في ارتكازيّته كما مرّ في علاميّة التبادر.
(٦) أي : ارتكاز المضادّة بين الصفات.
(٧) حاصل الإشكال : أنّ مجرّد ارتكاز التضادّ بين الصفات لا يدلّ على وضع المشتقّ لخصوص حال التلبّس ، بل إنّما يدلّ عليه إذا كان الارتكاز ناشئا من حاقّ اللفظ ، وهو غير معلوم ، بل يحتمل أن يكون ناشئا من الإطلاق.