للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال (١).
وبالجملة : لا يكاد يمكن في حال استعمال واحد لحاظه وجها لمعنيين وفانيا في الاثنين(٢) ، إلّا أن يكون اللاحظ أحول العينين.
فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقا ـ مفردا كان أو غيره ـ في أكثر من معنى ، بنحو الحقيقة أو المجاز.
ولو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه ، فإنّ اعتبار الوحدة في الموضوع له واضح المنع(٣).
وكون الوضع في حال وحدة المعنى وتوقيفيّته (٤) لا يقتضي عدم الجواز بعد ما لم تكن الوحدة قيدا للوضع ولا للموضوع له ، كما لا يخفى (٥).
__________________
(١) والحاصل : أنّ إرادة معنى آخر مع المعنى الأوّل ولحاظ اللفظ وجها للمعنى الثاني كما لوحظ وجها للمعنى الأوّل يستلزم لحاظ اللفظ ثانيا غير لحاظه أوّلا ، وهذان اللحاظان متضادّان يمتنع اجتماعهما في استعمال واحد.
(٢) والأولى أن يقول : «لا يكاد يمكن في استعمال واحد لحاظ اللفظ وجها لأكثر من معنى وفانيا في أكثر من معنى».
(٣) والحاصل : أنّه لو تنزّلنا وقلنا بجواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى عقلا فلا وجه لعدم جوازه ، بل الجواز ما تقتضيه القواعد الأدبيّة وأصل الوضع ، فلا مانع من ذلك إلّا ما ذكره صاحب المعالم في معالم الدين : ٣٩ من أنّ اللفظ موضوع للمعنى بقيد الوحدة ، فاستعماله في أكثر من معنى يستلزم الغاء قيد الوحدة ، فلا يكون استعمالا في الموضوع له اللفظ. ولكنّه واضح المنع ، لأنّ الموضوع له ليس إلّا ذات المعنى بلا لحاظ قيد الوحدة فيه ، ضرورة أنّ الواضع حين الوضع لا يلحظ سوى ذات المعنى ويضع له اللفظ.
(٤) تعريض بما استدلّ به المحقّق القمّي على عدم الجواز. وحاصله : أنّ الوضع قد حصل حال وحدة المعنى ، ولمّا كان الوضع توقيفيّا فلا بدّ من مراعاة وحدة المعنى حين استعمال اللفظ ، فلا يجوز استعماله في أكثر من معنى. قوانين الاصول ١ : ٧٠.
(٥) وحاصل الجواب : أنّ وحدة المعنى حال الوضع لا يمنع عن جواز استعمال اللفظ في أكثر ، إلّا أن تكون الوحدة قيدا للوضع ـ بأن اشترط الواضع على المستعملين أن لا يستعملوا اللفظ إلّا في المعنى الواحد ـ أو قيدا للموضوع له ـ بأن وضع اللفظ بإزاء المعنى المقيّد بالوحدة ـ ، وكلاهما ممنوع.