المناقشة في الاستدلال
إلاّ أنّ دلالتها موهونة من جهة اخرى ، وهي : أنّ ظاهر الموصول العموم ، فالتوبيخ على الالتزام بترك الشيء مع تفصيل جميع المحرّمات الواقعيّة وعدم كون المتروك منها ، ولا ريب أنّ اللازم من ذلك ، العلم بعدم كون المتروك محرّما واقعيّا ، فالتوبيخ في محلّه.
عدم نهوض الآيات المذكورة لإبطال وجوب الاحتياط
والإنصاف ما ذكرنا : من أنّ الآيات المذكورة لا تنهض على إبطال القول بوجوب الاحتياط ؛ لأنّ غاية مدلول الدالّ منها هو عدم التكليف فيما لم يعلم خصوصا أو عموما بالعقل أو النقل ، وهذا ممّا لا نزاع فيه لأحد ، وإنّما أوجب الاحتياط من أوجبه بزعم قيام الدليل العقلي أو النقلي على وجوبه ، فاللازم على منكره ردّ ذلك الدليل أو معارضته بما يدلّ على الرخصة وعدم وجوب الاحتياط في ما لا نصّ فيه ، وأمّا الآيات المذكورة فهي ـ كبعض الأخبار الآتية (١) ـ لا تنهض لذلك (٢) ؛ ضرورة أنّه إذا فرض أنّه ورد بطريق معتبر في نفسه أنّه يجب الاحتياط في كلّ ما يحتمل أن يكون قد حكم الشارع فيه بالحرمة ، لم يكن يعارضه شيء من الآيات المذكورة.
الاستدلال على البراءة بالسنّة :
وأمّا السنّة :
فيذكر منها في المقام أخبار كثيرة :
بحديث «الرفع»
منها : المرويّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بسند صحيح في الخصال (٣) ، كما عن
__________________
(١) انظر الصفحة ٤٢ و ٥٠.
(٢) في (ر) و (ظ): «بذلك».
(٣) الخصال : ٤١٧ ، باب التسعة ، الحديث ٩.