درس فرائد الاصول - برائت

جلسه ۱۲۳: احتیاط ۵۰

جواد مروی
استاد
جواد مروی
 
۱

صوت این جلسه موجود نیست

حكومة أخبار البراءة على الدليل العقليّ المتقدّم لوجوب الاحتياط

ثمّ إنّه لو فرضنا عدم تماميّة الدليل العقليّ المتقدّم (١) ، بل كون العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الإجماليّ بالتكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر ، كانت هذه الأخبار كافية في المطلب حاكمة على ذلك الدليل العقليّ ؛ لأنّ الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان واجبا في الواقع ، فلا يقتضي العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل.

كلام صاحب الفصول في حكومة أدلّة الاحتياط على أخبار البراءة في المسألة

وقد توهّم بعض المعاصرين (٢) عكس ذلك وحكومة أدلّة الاحتياط على هذه الأخبار ، فقال : لا نسلّم حجب العلم في المقام ؛ لوجود الدليل في المقام ، وهي أصالة الاشتغال في الأجزاء والشرائط المشكوكة. ثمّ قال : لأنّ ما كان لنا إليه طريق في الظاهر لا يصدق في حقّه الحجب قطعا ؛ وإلاّ لدلّت هذه الرواية على عدم حجّية الأدلّة الظنّية ، كخبر الواحد وشهادة العدلين وغيرهما. ثمّ (٣) قال :

ولو التزم تخصيصها بما دلّ على حجّية تلك الطرق ، تعيّن تخصيصها ـ أيضا ـ بما دلّ على حجّية أصالة الاشتغال : من عمومات أدلّة الاستصحاب ، ووجوب المقدّمة العلميّة. ثمّ قال :

والتحقيق : التمسّك بهذه الأخبار على نفي الحكم الوضعي وهي الجزئيّة والشرطيّة (٤) ، انتهى.

__________________

(١) المتقدّم في الصفحة ٣١٨.

(٢) هو صاحب الفصول في الفصول.

(٣) «ثمّ» من (ص).

(٤) الفصول : ٥١.

المناقشة فيما أفاده صاحب الفصول

أقول : قد ذكرنا في المتباينين (١) وفيما نحن فيه (٢) : أنّ استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط إلاّ على القول باعتبار الأصل المثبت الذي لا نقول به وفاقا لهذا الفاضل ، وأنّ العمدة في وجوب الاحتياط هو : حكم العقل بوجوب إحراز محتملات الواجب الواقعي بعد إثبات (٣) تنجّز التكليف ، وأنّه المؤاخذ به والمعاقب على تركه ولو حين الجهل به وتردّده بين متباينين أو الأقلّ والأكثر.

ولا ريب أنّ ذلك الحكم مبناه وجوب دفع العقاب المحتمل على ترك ما يتركه المكلّف ، وحينئذ : فإذا أخبر الشارع ـ في قوله «ما حجب الله ...» ، وقوله «رفع عن امّتي ...» وغيرهما ـ بأنّ الله سبحانه لا يعاقب على ترك ما لم يعلم جزئيّته ، فقد ارتفع احتمال العقاب في ترك ذلك المشكوك ، وحصل الأمن منه ، فلا يجري فيه حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل.

نظير ما إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الصلاة إلى جهة خاصّة من الجهات لو فرض كونها القبلة الواقعيّة ، فإنّه يخرج بذلك عن باب المقدّمة ؛ لأنّ المفروض أنّ تركها لا يفضي إلى العقاب (٤).

نعم ، لو كان مستند الاحتياط أخبار الاحتياط ، كان لحكومة تلك الأخبار على أخبار البراءة وجه أشرنا إليه في الشبهة التحريميّة من

__________________

(١) راجع الصفحة ٢٩٣ ـ ٢٩٤.

(٢) راجع الصفحة ٣٢٦.

(٣) لم ترد «إثبات» في (ظ).

(٤) لم ترد عبارة «لو فرض ـ إلى ـ العقاب» في (ظ).

أقسام الشكّ في التكليف (١).

حكومة أخبار البراءة على استصحاب الاشتغال أيضا

وممّا ذكرنا يظهر : حكومة هذه الأخبار على استصحاب الاشتغال على تقدير القول بالأصل المثبت أيضا كما أشرنا إليه سابقا (٢) ؛ لأنّه إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الأكثر الذي حجب العلم بوجوبه ، كان المستصحب ـ وهو الاشتغال المعلوم سابقا ـ غير متيقّن إلاّ بالنسبة إلى الأقلّ ، وقد ارتفع بإتيانه ، واحتمال بقاء الاشتغال حينئذ من جهة (٣) الأكثر منفيّ (٤) بحكم هذه الأخبار.

وبالجملة : فما ذكره ، من حكومة أدلّة الاشتغال على هذه الأخبار ضعيف جدّا ؛ نظرا إلى ما تقدّم (٥).

استدلال صاحب الفصول بأخبار البراءة على نفي الحكم الوضعي

وأضعف من ذلك : أنّه رحمه‌الله عدل ـ من أجل هذه الحكومة التي زعمها لأدلّة الاحتياط على هذه الأخبار ـ عن الاستدلال بها لمذهب المشهور من حيث نفي الحكم التكليفيّ ، إلى التمسّك بها في نفي الحكم الوضعيّ ، أعني جزئيّة الشيء المشكوك أو شرطيّته ، وزعم أنّ ماهيّة المأمور به تبيّن (٦) ظاهرا كونها الأقلّ بضميمة نفي جزئيّة المشكوك ، ويحكم بذلك على أصالة الاشتغال.

__________________

(١) راجع الصفحة ٥٠.

(٢) راجع الصفحة ٣٢٦.

(٣) في (ص) زيادة : «كون الواجب هو»

(٤) في (ظ) بدل «منفيّ» : «ملقى».

(٥) راجع الصفحة ٣٢٥ ـ ٣٢٦.

(٦) في (ظ): «يتبيّن».