الوجه الخامس وجوابه
ثمّ إنّ ممّا ذكرنا من أنّ نسبة ملك العوض حقيقة إنّما هو إلى مالك المعوّض ، لكنّه بحسب بناء الطرفين على مالكية الغاصب للعوض منسوب إليه يظهر اندفاع إشكال آخر في صحّة البيع لنفسه ، مختصٍّ بصورة علم المشتري ، وهو : أنّ المشتري الأصيل إذا كان عالماً بكون البائع لنفسه غاصباً فقد حكم الأصحاب على ما حكي عنهم (١) بأنّ المالك لو ردّ فليس للمشتري الرجوع على البائع بالثمن ، وهذا كاشف عن عدم تحقّق المعاوضة الحقيقية ، وإلاّ لكان ردّها موجباً لرجوع كلِّ عوضٍ إلى مالكه ، وحينئذٍ فإذا أجاز المالك لم يملك الثمن ؛ لسبق اختصاص الغاصب به ، فيكون البيع بلا ثمن (٢).
ولعلّ هذا هو الوجه في إشكال العلاّمة في التذكرة ، حيث قال بعد الإشكال في صحّة بيع الفضولي مع جهل المشتري ـ : إنّ الحكم في الغاصب مع علم المشتري أشكل (٣) ، انتهى.
هذا الاشكال إنّما يتوجّه على القول بالنقل
أقول : هذا الإشكال بناءً على تسليم ما نقل عن الأصحاب من أنّه ليس للمشتري استرداد الثمن مع ردّ المالك وبقائه (٤) ، وبعد تسليم أنّ الوجه في حكمهم ذلك هو مطلق التسليط على تقديري الردّ والإجازة ، لا (٥) التسليط المراعى بعدم إجازة البيع إنّما يتوجّه على القول بالنقل ،
__________________
(١) حكى ذلك عنهم الفخر في الإيضاح كما تقدّم آنفاً ، وأُنظر مفتاح الكرامة ٤ : ١٩٣.
(٢) لم ترد «به فيكون البيع بلا ثمن» في «ف».
(٣) التذكرة ١ : ٤٦٣.
(٤) وبقائه» من «ف» و «ش» ومصحّحة «ن».
(٥) في غير «ش» : «لأنّ» ، لكنّه صحّح في أكثر النسخ بما أثبتناه.