درس مکاسب - بیع

جلسه ۹۲: شروط متعاقدین ۱

 
۱

متاسفانه صوت موجود نیست

شمول المستثنى منه لمطلق أفعاله ؛ لأنّ الإيصال والإذن ليسا من التصرّفات القوليّة والفعليّة ، وإنّما الأوّل آلة في إيصال الملك كما لو حملها على حيوان وأرسلها ، والثاني كاشف عن موضوعٍ تعلّق عليه إباحة الدخول ، وهو رضا المالك.

الاستدلال على البطلان بحديث رفع القلم

واحتجّ على الحكم في الغنية (١) بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبيّ حتّى يحتلم ، وعن المجنون حتّى يفيق ، وعن النائم حتّى يستيقظ» (٢) ، وقد سبقه في ذلك الشيخ في المبسوط في مسألة الإقرار وقال : إنّ مقتضى رفع القلم أن لا يكون لكلامه حكم (٣). ونحوه الحلّي في السرائر في مسألة عدم جواز وصيّة البالغ عشراً (٤) ، وتبعهم في الاستدلال به جماعة ، كالعلاّمة (٥) وغيره (٦).

الاستدلال بروايات عدم جواز أمر الصبي

واستدلّوا (٧) أيضاً بخبر حمزة بن حمران عن مولانا الباقر عليه‌السلام : «إنّ الجارية إذا زوّجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ،

__________________

(١) الغنية : ٢١٠.

(٢) عوالي اللآلي ١ : ٢٠٩ ، الحديث ٤٨.

(٣) المبسوط ٣ : ٣.

(٤) السرائر ٣ : ٢٠٧.

(٥) التذكرة ٢ : ١٤٥.

(٦) كالمحقّق الثاني في جامع المقاصد ٧ : ٨٢ ، والمحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١٠٨.

(٧) كما في الحدائق ١٨ : ٣٦٩ ، والرياض ١ : ٥١١ ، ومقابس الأنوار : ١٠٨ ، والجواهر ٢٢ : ٢٦١ وغيرها.

ودفع إليها مالها ، وجاز أمرها في الشراء (١) ، والغلام لا يجوز أمره في البيع والشراء ولا يخرج عن اليتم حتّى يبلغ خمس عشرة سنة .. الحديث» (٢).

وفي رواية ابن سنان : «متى يجوز أمر اليتيم؟ قال : حتّى يبلغ أشدّه. قال : ما أشدّه؟ قال : احتلامه» (٣) ، وفي معناها روايات أُخر (٤).

المناقشة في دلالة هذه الروايات

لكنّ الإنصاف : أنّ جواز الأمر في هذه الروايات ظاهر في استقلاله في التصرّف ؛ لأنّ الجواز مرادفٌ للمضيّ ، فلا ينافي عدمه ثبوت الوقوف على الإجازة ، كما يقال : بيع الفضولي غير ماضٍ ، بل موقوف.

ويشهد له الاستثناء في بعض تلك الأخبار بقوله : «إلاّ أن يكون سفيهاً» (٥) ، فلا دلالة لها حينئذٍ على سلب عبارته ، وأنّه إذا ساوم وليّه متاعاً (٦) وعيّن له قيمته (٧) وأمر الصبيّ بمجرّد إيقاع العقد مع الطرف‌

__________________

(١) في المصدر زيادة : والبيع.

(٢) الوسائل ١٢ : ٢٦٨ ، الباب ١٤ من أبواب عقد البيع وشروطه ، الحديث الأوّل ، وذيله.

(٣) الخصال ٢ : ٤٩٥ ، الحديث ٣ ، وعنه في الوسائل ١٣ : ١٤٣ ، الباب ٢ من أبواب كتاب الحجر ، الحديث ٥.

(٤) انظر الوسائل ١٢ : ٢٦٧ ، الباب ١٤ من أبواب عقد البيع وشروطه ، و ١٣ : ١٤١ و ١٤٢ ، الباب ١ و ٢ من أبواب كتاب الحجر ، والصفحة ٤٢٨ و ٤٣٢ ، الباب ٤٤ و ٤٥ من أبواب كتاب الوصايا وغيرها.

(٥) مثل رواية ابن سنان المتقدّمة والروايتين الأُخريين عنه أيضاً في الوسائل ١٣ : ٤٣٠ و ٤٣١ ، الباب ٤٤ من أبواب أحكام الوصايا ، الحديث ٨ و ١١.

(٦) كذا في «ف» ، «خ» و «ش» ونسخة بدل «ن» ، وفي سائر النسخ : متاعه.

(٧) في «ف» : قيمة.

الآخر كان باطلاً ، وكذا لو أوقع إيجاب النكاح أو قبوله لغيره بإذن وليّه.

المناقشة في دلالة حديث رفع القلم

وأمّا حديث رفع القلم ، ففيه :

أوّلاً : أنّ الظاهر منه قلم المؤاخذة ، لا قلم جعل الأحكام ؛ ولذا بنينا كالمشهور على شرعيّة عبادات الصبيّ.

وثانياً : أنّ المشهور على الألسنة أنّ الأحكام الوضعيّة ليست مختصّة بالبالغين ، فلا مانع من أن يكون عقده سبباً لوجوب الوفاء بعد البلوغ ، أو على الوليّ إذا وقع بإذنه أو إجازته ، كما يكون جنابته سبباً لوجوب غسله بعد البلوغ وحرمة تمكينه من مسّ المصحف.

وثالثاً : لو سلّمنا اختصاص الأحكام حتّى الوضعية بالبالغين ، لكن لا مانع من كون فعل غير البالغ موضوعاً للأحكام المجعولة في حقّ البالغين ، فيكون الفاعل كسائر غير البالغين خارجاً عن ذلك الحكم إلى وقت البلوغ.

ترديد بعضهم في الصحّة ، وتصريح آخرين بها

وبالجملة ، فالتمسّك بالرواية ينافي ما اشتهر بينهم من شرعيّة عبادة الصبيّ ، وما اشتهر بينهم من عدم اختصاص الأحكام الوضعيّة بالبالغين. فالعمدة في سلب عبارة الصبي هو الإجماع المحكي (١) ، المعتضد بالشهرة العظيمة ، وإلاّ فالمسألة محلّ إشكال ؛ ولذا تردّد المحقّق في الشرائع في إجارة المميّز بإذن الوليّ (٢) بعد ما جزم بالصحّة في العارية (٣) ،

__________________

(١) تقدّم حكايته عن الغنية والتذكرة في أوّل المسألة.

(٢) الشرائع ٢ : ١٨٠.

(٣) الشرائع ٢ : ١٧١.

واستشكل فيها في القواعد (١) والتحرير (٢).

وقال في القواعد : وفي صحّة بيع المميّز بإذن الوليّ نظر (٣) ، بل عن الفخر في شرحه : أنّ الأقوى الصحّة ؛ مستدلا بأنّ العقد إذا وقع بإذن الولي كان كما لو صدر عنه (٤) ولكن لم أجده فيه وقوّاه المحقّق الأردبيلي على ما حكي عنه (٥).

ويظهر من التذكرة عدم ثبوت الإجماع عنده ، حيث قال : وهل يصحّ بيع المميّز وشراؤه؟ الوجه عندي : أنّه لا يصحّ (٦).

واختار في التحرير : صحّة بيع الصبي في مقام اختبار رشده (٧).

وذكر المحقّق الثاني : أنّه لا يبعد بناء المسألة على أنّ أفعال الصبيّ وأقواله شرعيّة أم لا ، ثمّ حكم بأنّها غير شرعيّة ، وأنّ الأصحّ بطلان العقد (٨).

__________________

(١) القواعد ١ : ٢٢٤.

(٢) التحرير ١ : ٢٤٤.

(٣) القواعد ١ : ١٦٩.

(٤) حكاه عنه المحقّق التستري في مقابس الأنوار (الصفحة ١١٠) ، ولكنّ الموجود في الإيضاح (٢ : ٥٥) ذيل عبارة والده هكذا : «والأقوى عدم الصحّة» ، ولم نعثر فيه على غيره.

(٥) لم نعثر على الحاكي عنه بهذا النحو ، نعم في المقابس (الصفحة ١١٠) : ومال المقدّس الأردبيلي في كتابه إلى جواز بيعه مع الرشد وإذن الوليّ ، انظر مجمع الفائدة ٨ : ١٥٢ ١٥٣.

(٦) التذكرة ٢ : ٨٠ ، وفيه : وشراؤه بإذن الوليّ.

(٧) التحرير ١ : ٢١٨.

(٨) جامع المقاصد ٥ : ١٩٤.