وحينئذ إما أن يكون علمه مقرونا بداع زائد ، وهو الفاعل بالقصد ، وإما أن لا يكون علمه مقرونا بداع زائد ، بل يكون نفس العلم فعليا منشأ لصدور المعلول ، وحينئذ فإما أن يكون علمه زائدا على ذاته ، وهو الفاعل بالعناية ، أو غير زائد على ذاته وهو الفاعل بالتجلي ، والفاعل في ما تقدم إذا نسب إلى فعله ، من جهة أنه وفعله فعل لفاعل آخر ، كان فاعلا بالتسخير.
فللفاعل أقسام ثمانية ، أحدها الفاعل بالطبع وهو الذي لا علم له بفعله ، مع كون الفعل ملائما لطبعه ، كالنفس في مرتبة القوى البدنية الطبيعية ، تفعل أفعالها بالطبع.
الثاني الفاعل بالقسر ، وهو الذي لا علم له بفعله ولا فعله ملائم لطبعه ، كالنفس في مرتبة القوى عند المرض ، فإن الأفعال تنحرف فيه عن مجرى الصحة لعوامل قاسرة.
الثالث الفاعل بالجبر وهو ما له علم بفعله ، وليس بإرادته كالإنسان يكره على فعل ما لا يريده.
الرابع الفاعل بالرضا وهو الذي له إرادة ، وعلمه التفصيلي بالفعل عين الفعل ، وليس له قبل الفعل إلا علم إجمالي به بعلمه بذاته ، كالإنسان يفعل الصور الخيالية وعلمه التفصيلي بها عينها ، وله قبلها علم إجمالي بها بعلمه بذاته ، وكفاعلية الواجب للأشياء عند الإشراقيين.
الخامس الفاعل بالقصد ، وهو الذي له إرادة وعلم بفعله قبل الفعل ، بداع زائد كالإنسان في أفعاله الاختيارية.
السادس الفاعل بالعناية ، وهو الذي له إرادة وعلم ، سابق على الفعل زائد على ذات الفاعل ، نفس الصورة العلمية منشأ لصدور الفعل ، من غير داع زائد ، كالإنسان الواقع على جذع عال ، فإنه بمجرد توهم السقوط يسقط على الأرض ، وكالواجب في إيجاده على قول المشائين.
السابع الفاعل بالتجلي وهو الذي يفعل الفعل ، وله علم سابق