أدلّة القائلين بالحجيّة
وأمّا المجوّزون فقد استدلّوا على حجّيّته بالأدلّة الأربعة :
الاستدلال بالكتاب
أمّا الكتاب ، فقد ذكروا منه آيات ادّعوا دلالتها :
منها : قوله تعالى في سورة الحجرات :
الآية الاولى : آية «النبأ»
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾(١).
الاستدلال بها من طريقين
والمحكيّ في وجه الاستدلال بها وجهان :
١ - من طريق مفهوم الشرط
أحدهما : من طريق مفهوم الشرط أنّه سبحانه علّق وجوب التثبّت على مجيء الفاسق ، فينتفي عند انتفائه ـ عملا بمفهوم الشرط ـ وإذا لم يجب التثبّت عند مجيء غير الفاسق ، فإمّا أن يجب القبول وهو المطلوب ، أو الردّ وهو باطل ؛ لأنّه يقتضي كون العادل أسوأ حالا من الفاسق ، وفساده بيّن.
٢ - من طريق مفهوم الوصف
الثاني : من طريق مفهوم الوصف أنّه تعالى أمر بالتثبّت عند إخبار الفاسق ، وقد اجتمع فيه وصفان ، ذاتيّ وهو كونه خبر واحد ، وعرضيّ وهو كونه خبر فاسق ، ومقتضى التثبّت هو الثاني ؛ للمناسبة والاقتران ؛ فإنّ الفسق يناسب عدم القبول ، فلا يصلح الأوّل للعلّيّة ؛ وإلاّ لوجب الاستناد إليه ؛ إذ التعليل بالذاتيّ الصالح للعلّيّة أولى من التعليل بالعرضيّ ؛ لحصوله قبل حصول العرضيّ ، فيكون الحكم قد حصل قبل حصول العرضيّ ، وإذا لم يجب التثبّت عند إخبار العدل ، فإمّا أن يجب القبول ، وهو المطلوب ، أو الردّ ، فيكون حاله أسوأ من حال الفاسق ، وهو محال.
أقول : الظاهر أنّ أخذهم للمقدّمة الأخيرة ـ وهي أنّه إذا لم يجب
__________________
(١) الحجرات : ٦.