ومن هنا ظهر : أنّ ما ذكرنا سابقا (١) ـ من اتّفاق العقلاء والعلماء على العمل بظواهر الكلام في الدعاوى ، والأقارير ، والشهادات ، والوصايا ، والمكاتبات ـ لا ينفع في ردّ هذا التفصيل ، إلاّ أن يثبت كون أصالة عدم القرينة حجّة من باب التعبّد ، ودون إثباتها خرط القتاد.
ودعوى : أنّ الغالب اتّصال القرائن ، فاحتمال اعتماد المتكلّم على القرينة المنفصلة مرجوح لندرته.
مردودة : بأنّ من المشاهد المحسوس تطرّق التقييد والتخصيص إلى أكثر العمومات والإطلاقات مع عدم وجوده في الكلام ، وليس إلاّ لكون الاعتماد في ذلك كلّه على القرائن المنفصلة ، سواء كانت منفصلة عند الاعتماد كالقرائن العقليّة والنقليّة الخارجيّة ، أم كانت مقاليّة متّصلة لكن عرض لها الانفصال بعد ذلك ؛ لعروض التقطيع للأخبار ، أو (٢) حصول التفاوت من جهة النقل بالمعنى ، أو غير ذلك ، فجميع ذلك ممّا لا يحصل الظنّ بأنّها لو كانت لوصلت إلينا.
مع إمكان أن يقال : إنّه لو حصل الظنّ لم يكن على اعتباره دليل خاصّ. نعم ، الظنّ الحاصل في مقابل احتمال الغفلة الحاصلة للمخاطب أو المتكلّم ممّا أطبق عليه العقلاء في جميع أقوالهم وأفعالهم.
هذا غاية ما يمكن من التوجيه لهذا التفصيل.
المناقشة في التفصيل المذكور
ولكنّ الإنصاف : أنّه لا فرق في العمل بالظهور اللفظيّ وأصالة عدم الصارف عن الظاهر بين من قصد إفهامه ومن لم يقصد ؛ فإنّ جميع
__________________
(١) راجع الصفحة ١٦١.
(٢) في (ه) : «و».