وأصله بغوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما الاُخرى بالسّكون قلبت الواو ياءً واُدغمت الياء في الياء وكسر ما قبلها فقيل : بغيّ ، وفي التنزيل : «وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا» (١) ولم اكُ بَغيّاً أي فاجرة ، وقال ابن جنّي : هو فعيل ولو كان فعولاً لقيل بغوّ كما قيل فلان نهوّ عن المنكر.
كذا ذكر صاحب الكشّاف منه ، وهذا عجيب من مثل الإمام ابن جنّى ، وأظنّ إنّه سهو منه ، لأنّه لو كان فعيلا لوجب أن يقال : بغية ، لانّ فعيلاً بمعنى الفاعل لا يستوى فيه المذكّر والمؤنّث اللّهمّ إلّا أن يقال شبّه بما هو بمعنى المفعول كما في قوله تعالى : «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّـهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ» (٢) وهو تكلّف ولأنّ قوله لو كان فعولاً لقيل بَغوّ غير مستقيم بلا خفاء لأنّه يائيّ وأمّا نهوّ فشاذّ والقياس نهيّ فإن قلت : الواو في عدوّ رابعة ، وما قبلها غير مضمومة فَلِمَ لم يقلب ياءً قلت : لأنّ المدّة لا اعتداد بها فكان ما قبلها مضموماً ولأنّ الواو السّاكنة كالضمّة ولأنّ الغرض هو التخفيف وهو يحصل بالإدغام.
وكذا الكلام في اسم المفعول الواوي نحو : مغزوّ ، فإن قلت : ما السرّ في جواز مدعيّ ومغزيّ بقلبها ياءً مَعَ الكسرة والإطّراد ولا سيّما في مرضيّ وامتناع ذلك في عدوّ ، قلت : السرّ أنّ نحو : مغز وطال فثقل والياء أخفّ فعدل اليه بخلاف فعول أو أنّه محمول على فعله فافهم.
[ وتقول في فعيل من الواويّ صبيّ ] والأصل : صبيو قلبت الواو ياء واُدغمت الياء في الياء وهو من الصّبوة [ ومن اليائي شريّ ] اصله شرييٌ اُدغمت الياء في الياء والفرس الشّريّ هو الّذي يشري في سيره أي يلج.
[ والثلاثي المزيد فيه تقلب واوه ياءً لأنّ كلّ واو وقعت رابعة فصاعداً ولم يكن ما قبلها مضموماً قلبت ] الواو [ ياءً ] تخفيفاً لثقل
____________________________
(١) مريم : ٢٨. |
(٢) الاعراف : ٥٦. |