وندرسه الآن بعد أن نُضيف إليه عنصراً جديداً وهو العلم الإجمالي ، فهل تجري فيه القاعدة العملية الثانوية كما كانت تجري في موارد الشكّ البدويّ ، أوْ لا؟
منجّزية العلم الإجمالي :
وعلى ضوء ما سبق يمكننا تحليل العلم الإجماليّ إلى علمٍ بأحد الأمرين ، وشكٍّ في هذا ، وشكٍّ في ذاك.
ففي يوم الجمعة نعلم بوجوب أحد الأمرين «صلاة الظهر ، أو صلاة الجمعة» ، ونشكّ في وجوب الظهر كما نشكّ في وجوب الجمعة ، والعلم بوجوب أحد الأمرين بوصفه علماً تشمله قاعدة حجّية القطع التي درسناها في بحثٍ سابق (١) ، فلا يسمح لنا العقل لأجل ذلك بترك الأمرين معاً : الظهر والجمعة ؛ لأنّنا لو تركناهما معاً لخالفنا علمنا بوجوب أحد الأمرين ، والعلم حجّة عقلاً في جميع الأحوال ، سواء كان إجمالياً أو تفصيلياً.
ويؤمن الرأي الاصوليّ السائد في مورد العلم الإجمالي لا بثبوت الحجّية للعلم بأحد الأمرين فحسب ، بل بعدم إمكان انتزاع هذه الحجّية منه أيضاً واستحالة ترخيص الشارع في مخالفته بترك الأمرين معاً ، كما لا يمكن للشارع أن ينتزع الحجّية من العلم التفصيليّ ويرخّص في مخالفته ، وفقاً لما تقدم في بحث القطع (٢) من استحالة صدور الردع من الشارع عن القطع.
وأمّا كلّ واحدٍ من طرفي العلم الإجمالي ـ أي وجوب الظهر بمفرده ووجوب الجمعة بمفرده ـ فهو تكليف مشكوك وليس معلوماً.
__________________
(١) تحت عنوان : العنصر المشترك بين النوعين
(٢) تحت عنوان : العنصر المشترك بين النوعين