كالشارب والحاجبين ، ولم يجز الاقتصار بغسل ذات البشرة حسبما تقتضيه الأخبار المتقدِّمة التي قدّمنا الكلام على دلالتها بما لا مزيد عليه.

وأمّا إذا كان الشعر خفيفاً وغير مانع عن وقوع الابصار على نفس الوجه والبشرة ، ففي وجوب غسل الظاهر أو لزوم غسل ذات البشرة خلاف ونزاع ، وكلماتهم في ذلك مضطربة على ما نقلها الأصحاب قدس‌سرهم في كتبهم ، حتى أن بعضهم ادعى الإجماع على وجوب غسل البشرة إذا لم تكن مغطاة بالشعر أبداً ، بل كانت ظاهرة يقع عليها حس البصر ، وذكر أن محل الخلاف والنزاع إنما هو ما إذا كانت البشرة مستورة بالشعر الخفيف ومغطاةً به.

وبعضهم قد عكس الأمر في المسألة فنفى الريب عن الإجماع وعدم الخلاف في عدم لزوم غسل البشرة المستورة بالشعر الخفيف ، وذكر أن الخلاف منحصر بما إذا كانت البشرة ظاهرة وغير مغطاة بوجه ، لا بالشعر الكثيف ولا بالشعر الخفيف ، كما إذا نبت الشعر على الوجه من غير التفاف بعضه ببعض ، بأن كانت كل شعرة قائمة بأصلها مع الفصل بين منابتها بمقدار إصبع أو أكثر أو أقل.

ولا يخفى الفرق الشاسع بين الدعويين ، فان مقتضى الدعوى الاولى أن اللحية الخفيفة أو غيرها من الشعر الخفيف وهو الذي لا يمنع عن وقوع النظر إلى ذات البشرة هي التي وقع فيها النزاع والخلاف واختلفت فيها آراء الفقهاء ، ولا اتفاق على عدم وجوب غسل البشرة وقتئذٍ ، كما أن مقتضى الدعوى الثانية أن الشعر الخفيف كالشعر الكثيف مورد الاتفاق ، على أن معه لا يجب غسل البشرة ، وبين الدعويين بون بعيد. وعن ثالث أن النزاع لفظي في المقام ، هذا.

والذي ينبغي أن يقال : إن الأخبار البيانية الواردة في حكاية وضوء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تدع شكاً في أيّ مورد في وجوب غسل البشرة وعدمه ، لأنها دلتنا على أن اللاّزم غسله في محل الكلام إنما هو عبارة عما يصله الماء بطبعه عند إسداله على الوجه ، من دون فرق في ذلك بين ما عليه شعر خفيف وما كان عليه شعر كثيف ، حيث حكت ذلك عن وضوء النبي ، وكان الأئمة عليهم‌السلام أيضاً يكتفون‌

۴۴۶