بقي الكلام في أُمور :

الأوّل : أن غسل ظاهر اللحية أو الشعر في مثل الحاجب والشارب هل هو على سبيل الحتم واللزوم ، بحيث لو غسل ذات البشرة وترك الغسل في ظاهرهما فسد وضوءه ، أو أنه على وجه الرخصة والجواز بمعنى أن غسل ظاهر اللحية أو الشعر مجزئ عن غسل البشرة لا أنه متعيّن على وجه اللزوم؟

الأوّل هو المتعيّن ، وذلك لأن ظاهر قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة المتقدمة : « فليس للعباد أن يغسلوه » إنما هو نفي المشروعية والجواز ، فلا يجوز للمتوضئ أن يغسل نفس البشرة ، هذا على نسخة اللاّم ، وأما على النسخة الأُخرى أعني قوله عليه‌السلام « فليس على العباد أن يغسلوه » فظاهرها وإن كان هو نفي الوجوب والإلزام عن غسل ذات البشرة ، ولا دلالة لها على نفي المشروعية والجواز غير أن نفي الوجوب يكفي في الحكم ببطلان الوضوء فيما إذا غسل نفس البشرة ، وذلك لأنه بعد عدم وجوبه تحتاج مشروعيته وجوازه إلى دليل وهو مفقود.

إن قلت : يكفي في الدلالة على ذلك الروايات المطلقة والآية المباركة الدالتان على وجوب غسل الوجه والبشرة كما تقدّم ، وهما كافيتان في الحكم بمشروعية غسل البشرة وكونه متعلقاً للأمر.

قلت : نعم ، ولكنك قد عرفت بما لا مزيد عليه أن المطلقات مخصصة بما دلّ على لزوم غسل ظاهر الشعر ، فقد رفعنا اليد عن مقتضى تلك الإطلاقات بالأخبار المتقدمة ، ومع التخصيص لا أمر ولا وجوب ، إذن يحتاج جواز غسل البشرة والاكتفاء به في مقام الامتثال عن غسل ظاهر اللحية والشعر كما إذا لصق بلحيته ما يحجب عن وصول الماء إلى ظاهرها إلى دليل وهو مفقود.

الأمر الثاني : لا ينبغي الإشكال في وجوب غسل البشرة وعدم كفاية غسل ظاهر الشعر فيما إذا كانت كل واحدة من الشعرات نابتة منفصلة عن الأُخرى بفاصل ، لعدم صدق الإحاطة بالشعر وقتئذٍ ، كما لا إشكال ولا خلاف في أن الشعر إذا كان كثيفاً بحيث يمنع عن وقوع النظر إلى ذات البشرة وجب غسل ظاهر اللحية والشعر‌

۴۴۶