( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ورواية الرقاشي المتقدمة (١) على القول بصحة الاستدلال بهما على لزوم غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل ، أن الواجب إنما هو غسل الوجه من الأعلى إلى أسفله بالتمام ، وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما شرع من الأعلى وغسل الأعلى فالأعلى إلى أسفله ، لا أن الواجب مجرد الشروع بالأعلى فالحكم بجواز النكس بعد الابتداء في الغسل به خلاف ظواهر الأخبار.

ثانيها : أن الواجب غسل الأجزاء العالية فالعالية بحسب الخطوط العرضية ، بحيث لا يجوز غسل شي‌ء من الأجزاء السافلة حتى الجزء السافل الذي لا يكون مسامتاً للجزء الأعلى غير المغسول إلاّ بعد غسل تمام الأجزاء الواقعة فوقها في خط عرضي دقيق ، كما نقل عن المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس‌سره.

ويرده : أن هذا مضافاً إلى صعوبته في نفسه على خلاف الروايات الصريحة في عكس المدعى كقوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة المتقدمة (٢) : « فأسدله على وجهه من أعلى الوجه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعاً » فان الماء بطبعه إذا اسدل من أعلى الوجه نزل إلى الأسفل منه ، فيغسل به الجزء السافل قبل غسل بقية الأجزاء العالية من الخط العرضي ، ومن هنا كان عليه‌السلام يمسح الجانبين ، فوصول الماء إليهما كان متأخراً عن إسدال الماء على الوجه لا محالة.

ثالثها : أن الواجب إنما هو غسل الأجزاء العالية فالعالية بحسب الخطوط الطولية فلا بدّ من غسل الجزء العالي قبل الجزء السافل المسامت له ، دون الأجزاء السافلة غير المسامتة له ، فإنه يجوز غسلها قبل غسل الجزء العالي الذي لا يكون مسامتاً له إذن لا بدّ من غسل الوجه حسب الخط الطولي الهندسي لئلاّ يغسل شي‌ء من الجزء السافل المسامت للجزء العالي قبل غسل الجزء العالي عليه.

وهذا الاحتمال أيضاً لا يمكن المساعدة عليه ، لوضوح أن الماء إذا صب من الأعلى لم ينزل إلى الأسفل على وجه مستقيم ، بل ينحرف بحسب الطبع إلى اليمين واليسار‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٩٨ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢٢ ، وتقدّمت في ص ٥١.

(٢) في ص ٥٤.

۴۴۶