والغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفاً ولا يجوز النكس (١)


فلم يبق إلاّ تسالم الفقهاء الأقدمين وسيرة أصحاب الأئمة عليهم‌السلام حيث جرت على غسل وجوههم من الأعلى إلى الأسفل ، فإن المتقدمين متسالمون على وجوب ذلك ولم يخالفهم في ذلك إلاّ السيد المرتضى قدس‌سره (١) كما أن أصحاب الأئمة عليهم‌السلام لم ينقل عنهم خلاف ذلك ، فلو لم يكن هذا على وجه الإلزام والوجوب لظهر وشاع ، فنطمئن من عدم ظهور ذلك بأن الغسل من الأعلى إلى الأسفل أمر واجب لا محالة.

وعلى الجملة : أنّ التسالم بين الفقهاء قدس‌سرهم إن تم وثبتت سيرة أصحابهم عليهم‌السلام فهو ، وإلاّ فللمناقشة في وجوب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل مجال واسع ، غير أن النفس مطمئنة من سيرتهم وتسالم فقهائنا الأقدمين على وجوبه هذا تمام الكلام في أصل المسألة وهو وجوب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل وعدمه.

(١) إذا قلنا بوجوب غسل الأعلى فالأعلى ، فلا بدّ من التكلم فيما هو الواجب في المسألة وفيه احتمالات :

الاحتمالات في الغسل من الأعلى :

أحدها : أن يقال إن الواجب وقتئذٍ هو الغسل من أعلى الوجه والقصاص بمقدار يسير يصدق عليه الشروع ، وأما بعد ذلك فلا يعتبر فيه الغسل من الأعلى فالأعلى بل له أن يغسل الباقي كيفما شاء ، فكأن الواجب إنما هو مجرد الشروع والابتداء في الغسل بالأعلى ، وبذلك يسقط الوجوب والترتيب ، فللمكلف أن يغسل وجهه بعد ذلك بأية كيفية شاءها ولو نكساً.

ويدفعه : أن الظاهر المستفاد من الأخبار البيانية الواردة في حكاية وضوء النبي‌

__________________

(١) تقدّم ذكر المصدر في ص ٤٩.

۴۴۶