ولا يجب نيّة الوجوب والندب لا وصفاً ولا غاية ، ولا نيّة وجه الوجوب والنّدب بأن يقول أتوضّأ الوضوء الواجب أو المندوب أو لوجوبه أو ندبه أو أتوضأ لما فيه من المصلحة ، بل يكفي قصد القربة وإتيانه لداعي الله (١).


الإخلال بالموالاة لا من جهة العدول عن نيّة الوضوء ، وهذا ظاهر.

وهناك شق ثالث متوسط بين مثل الصوم والوضوء وهو عبارة عن الصلاة فيما إذا عدل عن نيّتها في أثنائها فعزم على قطع الصلاة أو تردد في ذلك ، وهذا يتصوّر تارة فيما إذا أتى ببعض أجزاء الصلاة متردِّداً أو عازماً على القطع ، ويتصوّر اخرى فيما إذا لم يأت بشي‌ء من أجزائها مع التردّد أو العزم على القطع ، كما إذا عدل عن نيّة الصلاة في أثنائها ثم رجع إلى نيّتها من دون أن يأتي بشي‌ء من أجزائها عند العدول.

أمّا في الصورة الاولى ، فلا تأمل في الحكم ببطلان الصلاة ، من جهة أن ما أتى به من الأجزاء الصلاتية عند العدول أي لا بنيّة الصلاة زيادة عمدية مبطلة للصلاة لا محالة ، لعدم احتسابها من الصلاة لافتقادها النيّة المعتبرة في صحتها.

وأمّا الصورة الثانية ، فالحكم فيها بالبطلان يبتني على القول بأن الأكوان المتخللة بين أجزاء الصلاة جزء من الصلاة ، وحيث إن الظاهر أن الأكوان المتخللة خارجة عن أجزاء الصلاة ، فالظاهر عدم بطلان الصلاة بالعدول في تلك الأكوان. ولا ينافي هذا مع الحكم ببطلانها فيما إذا أتى بشي‌ء من قواطع الصلاة في أثنائها ولو في الأكوان المتخللة ، كما إذا تكلم فيها بكلام الآدميين أو أحدث أو استدبر ، لأن الحكم بالبطلان وقتئذٍ ليس مستنداً إلى أن الأكوان المتخللة جزء من الصلاة ، بل مستند إلى الإتيان بالقاطع وهو في الصلاة ، لأن المصلِّي لا يخرج عنها إلاّ بالتسليمة فان أوّلها التكبيرة وآخرها التسليمة ، فما دام لم يسلّم فهو في الصلاة ، فإذا تكلم فقد تكلم في الصلاة ، كما أنه إذا أحدث وقتئذٍ فقد أحدث في صلاته وهو موجب لبطلان الصلاة لا محالة.

عدم اعتبار نيّة الوجوب ولا نيّة وجهه :

(١) بعد ما بيّن الشروط المعتبرة في الوضوء تعرض قدس‌سره لجملة من الأُمور‌

۴۴۶