جزء من أجزاء العمل بداع إلهي ، فلو وقع شي‌ء منها لا بهذا الداعي بطل العمل برمّته ، وهذا هو المراد من اعتبارهم استمرار النيّة إلى آخر العمل ، وهذا مما لا شبهة فيه ولا كلام.

وإنما الكلام في اعتبار استمرارها في الآنات المتخللة بين أجزاء العمل ، وأنه إذا عدل عنها ونوى خلافها ، أو تردد فيها ثم بنى على نيّته الأولية صح عمله مطلقاً أو لا يصح كذلك ، أو أن هناك تفصيلاً؟

قد يكون العدول عن نيّته بالعزم على عدم الإتيان بالعمل أو بالتردد في ذلك موجباً لوقوع جزء من العمل من دون نيّة قربية ، كما في الصوم حيث يجب فيه الإمساك بالنيّة المقربة في كل آن من الآنات النهارية ، فإذا فرضنا أنه عدل عن نيّته فعزم على الإفطار أو تردّد في ذلك ، فقد مضى عليه آن أو آنات من دون نيّة مقربة وهو أمر غير قابل للتدارك ، ولا مناص حينئذٍ من أن يحكم بالفساد لعدم اشتمال بعض أجزاء العمل على النيّة المعتبرة في العبادة ، وهذا لا من جهة أن العزم على الإفطار مفطر حتى يقال إن العزم على الإفطار ليس بإفطار بالضرورة ، بل هو عزم على الإفطار لا أنه إفطار بنفسه ، ومن هنا لا يترتب عليه أحكام الإفطار العمدي في نهار شهر رمضان فلا تجب عليه الكفّارة بذلك ، بل من جهة أن العزم على الإفطار يستلزم انتفاء شرط الصحة في جزء من أجزاء العمل وهو الصوم ، فيبطل العمل بأسره لبطلان جزء من أجزائه كما هو الحال في جميع الواجبات الارتباطية.

وقد يكون العدول في أثناء العمل غير مستلزم لوقوع شي‌ء من أجزائه من دون نيّة مقربة ، أو أنه إذا استلزم ذلك فصدر بعض أجزاء العمل في حالة التردّد أو العزم بعدم الإتيان به فهو أمر قابل للتدارك ، كما في الوضوء لأنه مركّب من الغسلتين والمسحتين فاذا عدل عنه في أثناء الغسلتين أو في أثناء أحدهما وفرضنا أنه قد غسل نصفاً من يده من دون نيّة مقربة ثم رجع عن ذلك إلى نيّته الأولية ، فلا مانع من أن يعيد غسل النصف من يده مع النيّة المقربة وبذلك يحكم بصحة وضوئه. اللهمّ إلاّ أن يكون ذلك مستلزماً لفوات الموالاة المعتبرة في الوضوء ، كما إذا تردّد زماناً جفّت أعضاؤه السابقة بذلك فإنه يقتضي الحكم ببطلان الوضوء لا محالة ، إلاّ أنه من جهة‌

۴۴۶